وليس فوقه من يأمره ويحجر عليه ولو شاء لم يخلقهم وإذ خلقهم فلو شاء لم يكلفهم وإذ كلفهم فلو شاء لحملهم ما لا يطيقون. وقد قال علماؤنا: إن الباريء تعالى ما كلف الخلق إلا ما لا يطيقون فإذا شاء خلق لهم القدرة فأطاقوا ما كلفوا، وقد كلف الله الملائكة الإنباء لآدم بأسماء المسميات وأمر أبا لهب أن يجمع بين الإيمان والعلم بأنه لا يؤمن.
قال القاضي أبو بكر بن الطيب، إذا قيل لنا هل كلف الله عباده ما لا تطيقون؟ قيل له: سؤلك محتمل، فإن اردت بعدم الطاقة عدم القدرة على الفعل فلذلك جائز، وإن أردت به وجود ضدها من العجز فلا وجه له. وقال ابن فورك رحمه الله: قد كلف الله العدل بين النساء ثم أخبر أنه لا يستطاع فقال تعالى: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم} ولله الحجة البالغة والحكمة الماضية والنعمة السابغة ولولا حسن تكليف ما لا يطاق وجوازه ما حسن دعاء الباري في أن لا يفعله، وإنما سئل في صرف ما امتحن به وما له الامتحان به. وهذا كله قاطع بين في معرفة المسألة، واستيفاؤه، في كتب الأصول وفي كتاب شرح المشكلين فليطلب هنالك بحول الله.
[الآية السابعة: قوله تعالى: {لن يضروكم إلا أذى} قال بعضهم نسخها قوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر}.]
قال القاضي محمد بن العربي رحمه الله:
قوله تعالى:{لن يضروكم إلا أذى} يعني به اهل الكتاب الذين قد تقدم ذكرهم. وقال قوم إن إذايتهم بألسنتهم في قولهم عزير بن الله، والمسيح بن الله