[الآية الثانية والعشرون: قوله تعالى: {ستجدون آخرين} الآية. قال بعضهم نسختها آية السيف.]
قال القاضي محمد بن العربي:
هذه غفلة ظاهرة. كيف يقول الله {ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها، فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم، ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم} وهذا نص في القتل إن لم يجيبوا إلى ما طلب منهم من العزلة وإلقاء السلم فأي نسخ ها هنا؟ وهذا حكم جميع الكفار، وإنما يبقى هنا أن دليل الخطاب في هذه الآية يقتضي أن من اعتزل وألقى السلم لم يقاتل. وإنما يحكم بالدليل ما لم يقترن به نطق، وقد زال النطق بهذا الدليل في الآيات كلها فلم يكن لذكر هذا وجه. وقد بينا في أصول الفقه دليل الخطاب ومعناه وحكمه المفيد له. ونظيره الذي يكشف لكم قناعه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: في سائمة الغنم الزكاة، وسكت عن المعلوفة صار الحكم في المعلوفة دليل الخطاب، اختلف الناس فيه، فقال بعضهم: لا زكاة في المعلوفة لتخصيص النبي السائمة بالذكر. وقال آخرون: في المعلوفة الزكاة بما اقتضاه من الأدلة المذكورة في مسائل الخلاف، ولو قال صلى الله عليه وسلم لا زكاة في المعلوفة والزكاة في السائمة، لسقط التعلق بالدليل لوجود النطق به.
الآية الثالثة والعشرون: قوله تعالى: {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة} قال بعضهم نسخها: {براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين}.