المطلقة قبل الدخول ولا سمعنا عن النبي صلى الله عليه وسلم بقطع العدة عند وضع الحمل لحكمنا بما قلنا على المعنى فعلمنا الله نصا ما فهمناه عنه معنى، ولله الحكمة البالغة في أن ينص على الموضع البين ويسكت عن المشكل ليكل العلماء إلى النظر ويرفعهم بالعلم درجات. فمثل هذا لا يقال فيه نسخ ولكنه تخصيص عضده المعنى وشهدت له أصول الشريعة.
فإن قيل: فإذا كانت العدة ساقطة عن التي لم يدخل بها للمعنى الذي أشرتم إليه فلم قلتم أن الولد يلحق به وإن لم يعلم دخول؟ قلنا حكمنا بذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر. فأتبع الولد الفراش حيث ما كان، والمراد بالفراش الزوج كنى به عنه لأنه له.
قال الشاعر:
باتت تضاجعني وبات فراشها ... خلق العباءة في الدماء قتيلا
وكانت الحكمة في ذلك أن النكاح لما انعقد على المرأة والحل للرجل لما ثبت فيها وظهر كنا بين ثلاثة خطط: إما أن تجعلالحمل لغوا وذلك لا يجوز لأنه موجودًا حسا والوجود الحكمي مترتب على الوجود الحسي، وإما أن نجعل الحمل غير منسوب فنحكم بزنا المرأة فنقطع النسب وننفي الرحم ونوجب الحد، وذلك إنما يكون عند انحسام الأسباب وقد وجدنا سببا عظيما وهو الزوج الموجود والحل القائم فألحقناه به وهي الخطة الثالثة ونسبناه إليه وكل ذلك هو الواجب فيه.