للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال بعضهم: هذه الآية ناسخة لما كانوا عليه في الجاهلية وفي أول الإسلام، كان الرجل يطلق ثم يراجع امرأته قبل أن تنقضى عدتها ما شاء الله من الطلاق فنسخ الله ذلك بأنه إذا طلقها ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجًا غيره.

قال القاضي محمد بن العربي رضي الله عنه:

لو ثبت بنقل صحيح أن هذا الحكم كان من النبي صلى الله عليه وسلم في صدر الإسلام قائما لكان من باب نسخ السنة بالقرآن وأما إن كان في أيام الجاهلية فلا يكون ذلك نسخا كما قدمناه والذي يقول إنها منسوخة بقوله: {فطلقوهن لعدتهن} أبعد من الصواب، فإن قوله هذا بيان لوقت الطلاق وقوله تعالى: {الطلاق مرتان} فليس بينهما تعارض يوجب نسخا والصحيح أنها محكمة في بيان عدد الطلاق وأنه ثلاث: هذه المنصوص عليها طلقتان والثالثة قوله تعالى: {أو تسريح بإحسان} وقيل هي قوله تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} والأقوى في النظر أنها قوله: {أو تسريح بإحسان} عند تمام ملك الطلاق ومدة العدة، ويكون قوله: {فإن طلقها} معناه فإن سرحها بإحسان. بوقوع الثالثة فلا تحل له بابتداء نكاح حتى تنكح زوجا غيره إرغاما لأنفه وتحذيرا لغيره عن الوقوع في مثله ولله الحكمة البالغة.

غائلة: لما قال تعالى: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} زل قوم في آخر الزمان فقالوا: إن الطلاق في كلمة لا يلزم وجعلوه واحدة ونسبوه إلى السلف الأول وحكوه عن علي والزبير وعبد

<<  <   >  >>