الآية الثالثة: قوله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه} قال قتادة: هذا ناسخ لقوله تعالى: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى} فإن الغنيمة في صدر الإسلام كانت تعطي في الأصناف الذين في سورة الحشر ثم نزلت: {واعلموا أنما غنمتم من شيء} فقسمها الله على الوجه المذكور فيها، وهذا فاسد قد بينا أن الفيء نوع والغنيمة نوع وأنهما مالآن مأخوذان بشيئين مختلفين جعل الله لهما اسمين مختلفين: فالغنيمة ما أخذ بقهر وهو لمن سمى الله، والفيء ما أخذ بغير قتال وهو للنبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال تعالى:{ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى} وهي آية معضلة خفيت على العلماء وتباينت فيها الأقوال بين المحدثين والقدماء. وقد حققنا القول في معناها في الأحكام. وذلك أنها ثلاث آيات: قوله تعالى: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب} فهذه بنو النضير وما جرى مجراها فهي لرسول الله خالصة، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الحديث الصحيح والآية الثانية قوله تعالى:{واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه} فهذه آية القتال الذي يؤخذ بالقهر والاستعلاء والغلبة بالمدافعة والمحاربة فالخمس منها لمن ذكر الله تعالى والأربعة الأخماس لمن تناول ذلك فيها، على تفصيل بيانه في كتاب الأحكام ومسائل الفقه.