قال بعضهم إن الله تعالى أمر الأوصياء بإمضاء الوصية على ما رسم الموصى ثم نسخها الله بالآية التي في سورة البقرة فقال تعالى:{فمن خاف من موص جنفا أو إثما} أي علم من موص جورا أو إثما فلا إثم عليه أي لا حرج عليه يعني إليه أن يأمر الوصي بالعدل في ذلك فكانت هذه ناسخة لقوله: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم}.
قال القاضي ابن العربي رحمه الله:
قوله خاف يحتمل أن يريد به تيقن وعلم وقد ورد بذلك القرآن، واللغة معنى، ويحتمل أن يكون المراد به توقع أي انتظر أن يقع ولم يقع بعد، فإن وجد الموصى قد جار ردت وصيته وإن خيف منه الجور مثل أن يوصي لزوج ابنته أو لولد ولده فالصلح بين الورثة إن اختلفوا خير من تخاصمهم وتقاطهم، حتى تتصل رحمهم ويرتفع شغبهم. وما يجري من القول في مراوضة الصلح إنما ينبغي أن يكون سديدًا كان ورثة الميت ضعافا صغارا أو أقوياء كبارا لا يختص سداد القول بإحدي الحالتين دون الأخرى بل هو عام فيهما وفي كل معنى سواهما فلا تعارض بين الآيتين، والخطاب بالإصلاح هو لكل أحد من وصي أو أمير أو ساع في خبر مبتدأ.
الآية الخامسة: قوله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} قال بعضهم: لما نزلت قوله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا} عزل الأنصار اليتامى فلم يخالطوهم فأضر ذلك بهم لأن اللبن إذا لم يحلب والدابة إذا لم تركب إدى ذلك إلى الاضرار بصاحبها فنزلت: {ومن كان غنيا فليستعفف} الآية، فرخص الله فيما فيه الضرورة ولم يرخص في الظلم.