ما يثبت لمن يثبت ولهذا كان يدعو عليه السلام في دعائه بأن يهدي لما اختلف فيه من الحق ويقول في يمينه:" لا ومقلب القلوب" وقال تعالى معلما لنا: {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة} يعني تثبيتا (ويديم ذلك لنا) وبين تعالى بعد النجعة في قوم قد كفروا بعد المعرفة وجحدوا بعد الإقرار وارتدوا على الأدبار ثم تدارك من سبق في علمه النجاة له ورزقه الهداية بفضله فأخبر أنه يغفر للذين تابوا بردهم إلى ما سبق لهم ومبدأ التوبة منه وذلك بين في قوله: {ثم تاب عليهم ليتوبوا والكل منه وله عدلا وحكما فصلا ومنة وفضلا، فهذا تفصيل الأحوال وتأصيل في تقلب القلوب والأعمال وليس مما نسخ ولا مما ينسخ.
[الآية الخامسة قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} قال السدي قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت} عموم ثم استثني من استطاع إليه سبيلا فصار ناسخا لها.]
قال القاضي محمد بن العربي:
وهذا وهم عظيم فإن قوله تعالى:{من استطاع إليه سبيلا} في حكم اللغة بدل من قوله (الناس) وهو بدل البعض من الكل أحد الأقسام التي ضربها أهل اللغة للبدل، وليس هذا في حكم اللغة من النسخ في ورد ولا صدر. هذا وقد كان استقر في الشريعة أن الله لا يكلف أحدا إلا ما استطاع ولا كان مالا يطاق مما يدخل تحت التكليف شرعا. فكانت هذه الصفة والبدلية بيانا لما قد تقرر أصله في