المغفرة. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح واللفظ لمسلم: من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ، بها في نار جهنم، خالدا فيها مخلدا ابدًا، ومن تحسى سما فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا فيها مخلدا) فهذه أحاديث صحيحة في نظائر لها بالخلود والتأييد على الإطلاق في عموم الآثار ويعارضه في صحيح الآثار جمل من الأحاديث منها من كان آخر كلامه لا إله إلا الله حرمه الله على النار والحكمة في تعارض ذلك تردد القلوب بين الخوف للمعاصي والرجاء للرحمة، وينفذ حكم الله على الكل والعاقبة للمتقين. وهذا كله ليس من الأحكام في شيء، وإنما هو التوحيد. بيد أن المفسرين لما ذكروها في الناسخ والمنسوخ، نسجنا على منوالهم في ذكرها وبينا المراد منها لئلا يغتر مبتديء، أو غافل بها.
[الآية الخامسة والعشرون: قوله تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} قال بعضهم قصر النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في الأمن نسخ لقصرها مع شرط الخوف.]
قال القاضي رحمه الله:
قد بينا أن دليل الخطاب لا يقبل نسخا لو أوجب حكما، فكيف ولا يوجب عند أكثر العلماء؟ وذلك أن للصلاة حالين: حال أمن وحال خوف، فلما شرط الله في القصر حال الخوف قال من يرى دليل الخطاب: إن هذا يقتضي وجوب إتمامها مع الأمن، وقال من لا يرى القول بدليل الخطاب إن حالة الأمن مسكوت