للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنسخ الله من هذه الآية المطلقات اللواتي لم يدخل بهن فقال: {يا أيها الذين أمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها}.

قال القاضي محمد بن العربي رحمه الله:

هذا تخصيص وليس بنسخ قال قتادة: ونسخ الله من ذلك أولات الأحمال فقال: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}.

قال القاضي:

أوامر الله لعباده وتكليفه خلقه على قسمين: منها ما هو عبادة لا يعقل معناها ولا يفهم المقصود منها وإنما هو تعبد مطلق، ومنها ما يعقل معناها ويفهم المقصود منه. فإذا كان لا يعقل معناه تعين (الامتثال) ووجب الانقياد إليه ولزم فعله، وإذا كان معقول المعنى تعين اتباعه ووجب مراعاة ذلك المعنى فيه وبناء الأحكام عليه، وهكذا حكمة الشريعة وحكمها. فإذا تقررت هذه القاعدة وسمعنا قول الله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} فهمنا أن المراد بذلك استبراء الرحم من الماء المتقدم ليرد الماء المتأخر بعده على رحم فارغة لئلا تختلط الأنساب وقد تفسد الفرش، فإذا كان العقد ولم يكن دخول هنالك للاستبراء معنى، وإذا وقع الوضع من الحامل تيقنا براءة الرحم قطعا عادة فلم يكن سبيل إلى العادة. فلو لم نسمع قول الله تعالى بنفي العدة عن

<<  <   >  >>