هذه الآية محكمة نهى الله تعالى عن أكل الأموال للناس عموما وأكد النهي في أموال اليتامى خصوصا فقال تعالى:{ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا} وعظم أمرها بالوعيد فقال: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} وهذا فيمن كان في حيز منهم، فأما من كان مال اليتيم بيده فتجوز له مخالطته كما تقدم بيانه، وإن كان غنيا فليستعفف عن ماله، وإن كان فقيرا أكل بالمعروف، يريد بمقدار عمله فيه في قول، أو بمقدار الحاجة في قول آخر. ويقضى إذا وجد.
وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:(أنزلت مال الله منى بمنزلة مال اليتيم إن استغنيت استعففت وإن احتجت اكلت بالمعروف، فإذا أيسرت قضيت) وجعلوا على هذا ذكر المعروف عبارة عن القرض، وهو مروي عن ابن عباس رحمه الله ايضا، وقد روى عنه أنه قال له رجل: في حجري أموال أيتام وهو يستأذنه أن يصيب منه شيئا. قال ابن عباس ألست تهنأ جرياها وتبغي ضالتها وتلوط حوضها؟ قال بلى: قال ألست تفرط عليها يوم وردها؟ قال بلى؟ قال: فأصب من رسلها يعني من لبنها غير مضر بنسل، ولا ناهك في الحلب. واعجب لمن يقول لعل نسختها قوله تعالى:{ولا تأكلوا أمواكم بينكم بالباطل} فيحكم على الناسخ بالظن وربما لم يصح عمن نسب إليه. والذي يقتضيه اللفظ ويوجبه الحكم أن يأكل وإلى اليتيم من ماله بمقدار عمله (أما إنه إن كان غنيا فالأفضل أن يعف فإن كان فقيرا لم يجز له أن يأخذ زيادة على مقدار خدمته وهو المعروف) والله أعلم.