للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مضى تأويله قبل أن ينزل، ومنه ما مضى تأويله على عهد النبي عليه السلام، ومنه ما وقع تأويله بعد النبي عليه السلام، ومنه ما يقع تأويله عند الساعة ومنه ما يقع تأويله عند الحساب، فما دامت قلوبكم واحدة وأهواؤكم واحدة، ولم تلبسوا شيعا ولم يذق بعضكم بأس بعض فأمروا وانهوا، فإذا اختلفت القلوب والأهواء فأمرؤ نفسه عند ذلك. وقال بعض الناس: إن آخر هذه الآية نسخ أولها وهو قوله تعالى: {إذا اهتديتم} نسخ {عليكم أنفسكم} ولا يكون الاهتداء إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وتحقيق القول في ذلك كله، أن قوله تعالى: {عليكم أنفسكم} أمر بإصلاح النفس وتقواها وتزكيتها وهدايتها، وذلك بأن يمتثل ما أمر به ويجتنب ما نهى عنه، ومن جملة ما أمر به هو ركن الدين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا امتثل أمر ربه واجتنب نهيه ووفي هو بعهده الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جملة ما وظف عليه فقد اهتدى فلا عليه من ضل إذا لم يقبله منه، ومعاني الآية منتظمة، وآخرها يعضد أولها، وهكذا فسرها الصديق، رضي اللهل عنه حسبما تقدم بيانه وكذلك روى عن حذيفة رضي الله في تفسيرها، قال لا يضركم من ضل إذا أمرتم ونهيتم، وقد يكون من معناها حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه فإن الباطل إذا غلب والحق إذا اندثر وخاف الأمر بالمعروف على نفسه أو ماله جاز له السكوت، وقيل له اهتديت في نفسك ودع إلى ربك غيرك: فتكون الآية عامة بمعنى هو الأول في حديث أبي بكر، وتكون خاصة في زمان دون زمان بالمعنى الثاني في حديث أبي ثعلبة.

<<  <   >  >>