عن ابن عباس رضي الله عنهما (نسخت) هذه الآية عدتها عند أهلها فتعتد حيث شاءت وقال مجاهد: قوله تعالى {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا} قال: كانت هذه المعتدة تعتد عند أهل زوجها واجب فأنزل الله تعالى: {وصية لأزواجهم} إن شاءت سكنت في وصيتها وإن شاءت خرجت وهو قوله تعالى: {غير إخراج} جعل الله لها تمام السنة سبعة أشهر وعشرين ليلة وصية إن شاءت على الوجه الأول, فجعلها مجاهد على هذا القول ثابتة, وذر قوم أن الحرة كانت إذا توفى عنها زوجها خيرت أن شاءت أن تقيم في بيت زوجها وينفق عليها من ماله سنة, فغن أبت إلا الخروج لم يكن لها شيء فنسخ ذلك بآية المواريث.
وتحقيق القول فيه ما ثبت في الصحيح من (أن المرأة في الجاهلية إذا توفي عنها زوجها كانت تدخل حفشا وتلبس شر ثيابها ولم تمس طيبا ولا شيئا ثم تمر بها سنة ثم توتي بداية حمار أو طائر فتفتض به, فقلما تفتض بشيء إلا مات, ثم تخرج فتعطى بعرة فترمى بها, ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره. فلما جاء الإسلام أبقى الله تعالى التربص كما كانوا يفعلون ثم أسقط الله ذلك إلى أربعة أشهر وعشر فكان هذا نسخا. وإن كان من نقصان فعندما أن الزيارة والنقصان نشخ كما تقدم إيضاحه وتفصيله, فهذا مقتضى صحيح الحديث وظاهر القرآن.
فأما الأخذ من مال الزوج فليس في قرآن ولا حديث وكذلك السكنى في المنزل لا يؤخذ من هذه الآية بنص, لأن قوله {يتربصن} لا يعطي مقتضاه لزوم المسكن وإنما استفيد اللزوم من آية النساء الصغرى وستراه مبينا في هذا القسم وفي قسم الأحكام هناك إن شاء الله, وقد استغرب الناس كن الناسخ قبل المنسوخ في (الخطاب) وليس ذلك بغريب فإن إثبات (الاي والسور) في الكتاب لم يكن على الترتيب في النزول وربك أعلم (بترتيب الإنزال) وترتيب الكتاب وهو بكل شيء عليم.