سبحانه أخبر في هذه الآية أنه يحاسب العبد بما أبدى وبما أخفى وهذا خبر واقع لا محالة, ثم أخبر أنه يغفر ذلك لمن يشاء ويعذب من يشاء, ثم رفع من ذلك عن الأمة مالا طاقة (لها به بسؤالها) ذلك منه وكان هذا تخصيصا لولا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرها على العموم حتى قال لهم: أتريدون أن تقولوا كما قال من قبلكم "سمعنا وعصينا؟ قولوا: سمعنا وأطعنا" فقالوها, وهي مربوطة بمشيئة (المغفرة فأنبأ الله بمغفرة البعض) وهو ما لا يمكن العبد دفعه من ذلك عن قبله من حديث النفس و (في) الصحيح: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا من خلق كذا؟ فيقول: الله. حتى يقول له: من خلق (الله)؟ فإذا وجد ذلك أحدكم (فليقل لا إله) إلا الله" فأمر - صلى الله عليه وسلم - برفع حديث النفس باعتقاد التوحيد. وفي الصحيح أيضا أن الصحابة (رضوان الله عليهم) قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنا نجد في أنفسنا شيئا لأن نخر من السماء فتخطفنا الطير أحب إلينا من أن نجده. فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - (أو قد وجدتموه؟ ) قالوا نعم. قال:"ذلك محض الإيمان". يعني دفعه عن النفس وكراهيته, إذ لا يمكن دفع ترداده لأنه قضاء الله في قلوب عباده.
وفي الصحيح "قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن" ثم زادنا من فضله تعالى جدة, ففي الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"إذا هم العبد بحسنة كتبت له حسنة وإذا هم بسيئة لم تكتب عليه" وفي معارضه: "إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار. قالوا: يا رسول الله, هذا القاتل فما بال