للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان الكتاب، من حيث المحتوى، يتميز- بالمقارنة مع كتب زوسموس- بتطور ما، فإنه ينتج عن ذلك أن مؤلفه أحدث من زوسموس، ولكن ليس حديثا إلى حدّ يأتي معه عام ٥٠٠ م، الزمن الذي ترجم خلاله الكتاب إلى السريانية، دون أن يكون المؤلف قد استطاع الحصول على قدر كاف من الشهرة والتقدير. وعليه فالوقت المتبقي لزمن النشأة هو القرن الخامس بعد الميلاد، وهو الزمن الذي حسبه كراوس لأصل الكتاب (المصدر السابق أعلاه، ii ص ٢٨٠)، رغم أنه ذكر مؤلفا عربيّا متأخرا للكتاب الذي وصل إلينا (المصدر السابق ص ٢٧٨). ينبغي تمحيص بقية كتب- بليناس التي وصلت إلينا، للتأكد فيما إذا كانت نسيج قلم واحد أم لا، مع العلم بأن النظرة الأولى تدل على أنها تمثل وحدة متماسكة.

أما بالنسبة لكتب تلاميذ بليناس المزعوم المذكورة فمن الصعب تصور أن التلاميذ هؤلاء قد عاشوا في نفس الزمن الذي عاش فيه مؤلف كتب بليناس هذه (أي في القرن الخامس بعد الميلاد) وأنهم استطاعوا رغم ذلك أن يصفوا أنفسهم بأنهم تلاميذه. كما يستحيل- للعلاقات البيّنة، بين كتبهم وكتب بليناس- إمكانية ادعائهم أنهم تلاميذ أبولونيوس التاريخي، فمن المعقول إذن أن الكتابين هما من الكتب المزيفة التي نشأت في القرون المتأخرة، القرون التي تمتع بليناس خلالها بشهرة عظيمة، جعلت المؤلفين يدعون أنهم من تلاميذه. ولكن يتناقض مع هذا، حقيقة مفادها أن الكتب الهرمسية المزيفة بمجموعها ترجع إلى ما قبل الإسلام، وأنه- كذلك- يلزم تحديد زمن كتاب stomathalassa السرياني- وهو أحد التلاميذ المزعومين- في القرن السادس الميلادي على الغالب.

ولربما يقود نمط آخر من التفكير إلى تفسير مقبول مفاده أن بليناس- للوصول إلى النتيجة مسبقا- هو نفسه مؤلف تلك الكتب التي يوجه الكلام فيها إلى تلاميذ وهميين، ومن المحتمل جدّا أن «كتاب مفتاح الحكمة» لم يحمل اسم مؤلف آخر وأن الصيغة التي وردت في النص انقلبت من خلال اللغة العربية إلى «ابن باليس» (١) ثم


(١) ذلك لأن التلميذ ينادى «يا بنى».