للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١ - المدخل]

لم يفصل العلماء العرب الذين صنفوا منذ القرن الثاني/ الثامن كتبا بعنوان «النبات» أو «الفلاحة»، لم يفصلوا بين هذين الفرعين فصلا دقيقا إلا في زمن متأخر، يرجع إلى القرون المتأخرة. ومع أن جابرا صنف في مرحلة متأخرة من حياته العلمية كتابا بعنوان «النبات» وآخر بعنوان «الفلاحة» (انظر بعده ص ٤٩٣)، إلا أنه لم يذكر في كتابه «كتاب الحدود»، وهو أقدم مؤلّف عربي وصل إلينا في تقسيم العلوم، لم يذكر النبات أو الفلاحة، فرعا مستقلّا. ولم يبرز علم «النبات» فرعا مستقلّا من فروع العلوم الطبيعية إلا في مؤلفات القرن الرابع/ العاشر، كما هو الحال في كتاب الفارابي «إحصاء العلوم» وفي «رسائل إخوان الصفا». أما «الفلاحة» فلم تدخل «العلوم الطبيعية» إلا في زمن متأخر- في عهد ابن خلدون على سبيل المثال- أخذت عندها المنزلة الأولى بعد الطب (١) مباشرة.

ونحن لا نعرف في الوقت الحاضر كتبا عربية تتعلق بالنبات وترجع إلى ما قبل القرن الثاني/ الثامن، فمن الجانب الفلسفي الطبيعي يعد جابر المؤلف الوحيد المعروف الذي صنف كتبا مستقلة في النبات والفلاحة. من جهة أخرى يبدو مما لا شك فيه أن أطباء من عصريي جابر، من أمثال الطبيب ماسرجويه، وهو أصغر سنّا من جابر (المجلد الثالث من gas ص ٢٢٤)، عالجوا في كتبهم المتعلقة بالأقرباذين موضوعات في النبات، ومن الخطأ المؤكد أن يفترض من واقع العناوين المعروفة أو المؤلفات التي وصلت إلينا بأن الكتب الأولى ذات المحتوى النباتي كانت ثمار نشاط علماء اللغة.

وعلى العموم فقد التزمت مصادرنا الصمت فيما يتعلق بعناوين الكتب الأولى، مثلها في ذلك كمثل موقفها من الفروع الأخرى الكثيرة. لذلك لم يبق أمامنا إلا أن نرجع إلى


(١)
anawati, gardet, introductionalat heologiemusulman e.
باريس ١٩٤٨ ص ١٠٨ - ١٢٣.