للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قرائن عرضية أو أن نتوقع، بناء على ما لمسناه من تطور في الفروع الأخرى، أن الكتابة في هذا المجال قد نشأت في زمن أقدم مما أثبتته العناوين المحفوظة. ولا بد لنا في ذلك من الاستعانة بالتطور المماثل لفروع أخرى صنفت فيها الكتب آنذاك كما تدل عليه قرائن استنتجت بشكل مباشر أو غير مباشر. والوضع بالنسبة للكتابة في علم الحيوان مثلا لا يختلف عنه في علم النبات إذ تفيد المصادر المتخصصة أن تلك الكتب المعنية ترجع إلى علماء اللغة كذلك. ومن حسن الحظ أنه وصل إلينا بعض البيانات المباشرة تلك التي توجد في سفر مكون من عدد من المجلدات هو «كتاب الحيوان» للجاحظ. وقد أشارت هذه المعلومات إلى مصادر وفيرة في علم الحيوان. وأود هنا أن أشير إلى ترجمة كتاب أبولونيوس المزعوم «كتاب الفلاحة» ترجمته المباشرة عن اللغة اليونانية إلى اللغة العربية عام ١٧٩ هـ/ ٧٩٥ م، تلك الترجمة التى تكشف عن نوع من المصطلحات العلمية سابقة التطور (انظر بعده ص ٤٧٠) ... أود أن أشير إلى هذه الترجمة كقرينة هي في غاية الأهمية للافتراض المحقّ بأن كتب النبات قد نشأت في زمن مبكر وكمثال أيضا على أن صمت مصادرنا فيما يتصل بالكتب التي ترجع إلى زمن مبكر، كان صمتا مضللا.

هذا ولا تكفي بعد، الدراسات السابقة والدراسات الفردية، المتعلقة بالنبات عند العرب، لوضع صورة مناسبة عن عمل علماء النبات العرب. إذ لم تحدد بعد روافد الآداب التي بموجب كتبها يتضح علم النبات العربي كما لم يحلل ويقوم بعد ما عرف من كتب متخصصة في هذا الشأن. أضف إلى هذا أنه كان هناك سببان مهمان على الأقل حالا دون حكم سديد بالنسبة لهذه الآداب. السبب الأول أن مصادر مهمة جدا لا تزال مجهولة والسبب الثاني يرجع إلى أنه، نظرا لوسم «الفلاحة النبطية» (انظر بعده ص ٤٧٦). بالتزوير على أيد عربية، فقد أهمل بذلك مصدر هو غاية في الأهمية بالنسبة للصورة الكاملة عن علم النبات العربي.

هذا وقد عدّ ماير «meyer» قبل أكثر من قرن من الزمان، خمسة روافد مختلفة في الآداب العربية التي يمكن أن تؤخذ بعين الاعتبار بالنسبة لتاريخ النبات: