هذا وقد وصل إلينا عن المجريطي الأحدث أبي مسلمة، وجل عمله العلمي يقع في مجال الكيمياء والتنجيم والسحر، وصل إلينا العديد من الكتب، لم يحقق منها سوى كتابين:«رتبة الحكيم» و «غاية الحكيم». ونحن ندين إلى هولميارد الذي قوم «كتاب رتبة الحكيم» ووصف محتواه وبيّن ميول مؤلفه (انظر بعده).
وقد نال الكتاب الثاني عناية أكبر الذي حظي بفضل ترجمته اللاتينية على شهرة عظيمة في بلاد الغرب.
[آثاره]
١ - «رتبة الحكيم ومدخل التعليم»:
«يتألف الكتاب من مدخل وأربع مقالات مختلفة كثيرا في الحجم يستفاد من المدخل أن «الكيمياء» و «السيمياء» علمان متآخيان يرويان معرفة أسرار الطبيعة، وعلى من أراد أن يكون حكيما كاملا أن يتقن هذين العلمين. «فالكيمياء» تعنى بمعرفة الأرواح الأرضية واستنباط دقائقها للمصلحة الخاصة. أما «السيمياء» فتعنى بعلم الأرواح العلوية، أرواح الكواكب، واستخراج قواها للمصلحة الخاصة. وقد صنف «كتاب رتبة الحكيم» ليرشد الباحث في معرفة أصول السيمياء، وقد أخذ الجانب المتعلق بالتنجيم والسحر العنوان «غاية الحكيم» وهو ما صنف بعد اكتمال «رتبة الحكيم» مباشرة.
لقد عد المؤلف في المقالة الأولى ( ... ) العلوم والمصنفين، الذين لا مناص، لمن أراد الحصول على الأسس الضرورية في السيمياء، من أن يشتغل بها، إذ عليه أن يلم في أول الأمر بالرياضيات والفلك والمنطق والفلسفة الطبيعية وأن يدرس أول ما يدرس طائفة من كتب أرسطوطاليس، ومن ثم عليه أن يتبع ذلك بدراسة المراجع السيميائية القديمة وأخيرا دراسة مؤلفات جابر والرازي.
وعلى من أراد أن يعرف فيما إذا كانت السيمياء صنعة حقيقية أم مزيفة، عليه أن يراجع بالدرجة الأولى «كتاب الإثبات» لصاحبه الرازي، إذ خصص الكتاب لهذا الموضوع.