لم يعد خافياً على أحد ذلك التدني الذي وصل إليه خريجو أقسام اللغة العربية في جامعتنا خلال العقود الأخيرة، وهؤلاء الخريجون هم الذين يتولون تعليم أولادنا في المدارس، وهم أيضاً الذين يسمعوننا الكلمة العربية من خلال الإذاعة والتلفزيون، ولو ترك الأمر على ما هو عليه الآن فالله وحده هو الذي يعلم أبعاد الكارثة التي ستطبق على هذه الأمة، ونخشى أن تغشانا طوارقها ذات يوم وقد استحال تراثنا الذي ضني به الأوائل خلال أربعة عشر قرناً من الزمان: ألغازاً وطلَّسمات، كالذي تراه على جدران المقابر والمعابد ولفائف البردي، رموزاً قديمة تخفى على جمهرة الناس، ولا يعقلها إلا العالمون، ويومها سنقول:
استعجمت دار مي ما تكلمنا ... والدار لو كلمتنا ذات أخبار
وها هي نذر الفتنة قد أطلت برأسها، فلن يستطيع أحد مهما غلا في تقدير كليته أو معهده أن يزعم أن طالباً متخرجاً في هذا المعهد أو تلك الكلية يستطيع الآن أن يقرأ سطراً من كتاب سيبويه، فضلاً عن أن يفهمه أو يحل رموزه، وإذا لم يستطع خرَّيج كلية تعنى باللغة العربية وآدابها أن يقرأ سيبويه، فمن ذا الذي يقرأه؟ وإذا لم يقرأه في سني دراسته فمتى يقرأه؟
إن الأخطاء اللغوية والنحْوية صارت تأخذ علينا الطرق وتأتينا من كل مكان؛