كان إنجازاً حضاريّاً كبيراً ظهور المطبعة في القرن الخامس عشر الميلادي، على يد جوتنبرج الألماني (١٣٩٧ م - ١٤٦٨ م).
ولئن كانت الغاية من الطباعة هي تكثير عدد نُسخ الكتاب لكي تُتاح قراءته لكثير من الناس، فقد تحققت هذه الغاية بصورة محدودة عند العرب قديماً، بما تمثل في كثرة نسخ الكتاب المخطوطة، ورواج صنعة الوراقة والنساخة. ويذكر الجاحظ أن يحيى بن خالد البرمكي لم يكن في خزانة كتب كتاب إلا وله وثلاث نسخ، ويذكر المقريزي أنه كان في خزانة العزيز بالله ثلاثون نسخة من كتاب «العين» للخليل بن أحمد، ومائة نسخة من «الجمهرة» لابن دريد، وأنه كان في خزانة الفاطميين مائتان وألف نسخة من «تاريخ الطبري». والمشتغلون بعلم المخطوطات يعلمون أن هناك كتباً ذوات عدد، كثرت نسخها كثرة ظاهرة، بحيث لا تكاد تخلو منها مكتبة من مكتبات العالم.
وكأنما كان هذا الاختراع العجيب - اختراع الطباعة - من أجل فكرنا وتراثنا نحن العرب دون غيرنا من الأمم. فقد دارت المطابع شرقاً وغرباً لإخراج علمنا من مخطوطات محدودة إلى أسفار مطبوعة، بدأت بالمئين ثم انتهت إلى ما فوق الآلاف.
ففي الغرب كان مهد الطباعة العربية في إيطاليا - كما هو معروف - ومن أوائل