للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[طبعات اللسان]

كان من حظ كثير من آثارنا الكبرى أن تطبع في ذلك الزمان الرخيّ المهنئ، حيث كانت مصر تُشع علماً وحضارة، فعلماؤها مستقرون، ومكتباتها زاخرة، ومجالس العلم بها مشهودة، واحترام العربية باسط سلطانه، والحياء عاصم، والنقد بالمرصاد.

وكانت مطبعة بولاق الكبرى في ذلك الزمان منارة علم باذخ، ومركز ضوء باهر، وقد طبعت من أصول العلم وكبار الكتب ما أخرج الناس من الظلمات إلى النور. وكان من أجلّ مطبوعاتها «لسان العرب» ما بين سنتي ١٣٠٠ هـ - ١٣٠٧ هـ، وقد اجتمع لهذه الطبعة من آيات الإتقان والكمال ما لم يجتمع في كتاب: فالنسخ المخطوطة جيدة، والضبط كامل تغلب عليه السلامة، والتصحيح دقيق، حيث كان يتولى التصحيح بمطبعة بولاق مشيخة جليلة من علماء الأزهر الشريف. وقد جاءت هذه الطبعة في عشرين مجلداً من القطع الكبير، متوسط كل مجلد ٤٥٠ صفحة.

ثم كانت النشرة الثانية للكتاب بدار صادر ببيروت سنة ١٩٥٥ م في ٦٥ جزءاً صغيراً جُعلت بعد ذلك في ١٥ مجلداً، ويقول عن هذه النشرة شيخنا عبد السلام هارون رحمه الله: «وكان من المتوقع أن تسلم هذه النشرة من كثير من أخطاء النشرة الأولى، ولكن من المؤسف أن الأخطاء والتحريفات التي وردت في النشرة الأولى، أي طبعة بولاق، قد زيد ع ليها كثير من أمثالها، وإن كان من الحق أن بعض الأخطاء القديمة قد عولج فيها بنسبة ضئيلة جداً» - تحقيقات وتنبيهات في معجم لسان العرب ص ٤، ٥.

وفي السنوات الأخيرة أصدرت دار المعارف بمصر طبعة ثالثة من اللسان بعد أن غيرت ترتيبه من نظام التقفية (الباب والفصل) إلى الترتيب على الحرف الأول والثاني والثالث، كما رتب الزمخشري معجمه «أساس البلاغة»، والفيومي معجمه «المصباح»، وإن كان هذا الترتيب أقدم من الزمخشري والفيومي، وتفصيل ذلك في غير هذا المكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>