فيجد بغيته من أقرب طريق، ويعثر على ضالته بأقل جهد: الأفعال الثلاثية وحدها، وما زاد على الثلاثة وحده، والأفعال اللازمة وحدها والمتعدية بعدها، ولا بأس أن يميز بين المتعدي بنفسه، والمتعدي بالحرف، بل المتعدي لواحد ولاثنين وثلاثة، والجموع يأتي القياسي منها وحده، والسماعي وحده، وأبنية المصادر وحدها وأسماء المصادر وحدها، والمشتقات وحدها. وهذا كله منطق «اللقطة» تصيبها في عرض الطريق، أو «الغنيمة الباردة» تحوزها بغير حولٍ منك ولا قوة.
[نحن والفهارس]
لقد صنع ابن منظور معجمه «اللسان» في أوائل القرن الثامن، ونحن نحاكمه بمنطق القرن الخامس عشر، وقد صنعه لقوم يقرأون الكتب من أولها إلى آخرها، ونحن نلزمه أن يكون قد نظر إلى أبعد من ع صره، بل نريده أن يكون قد نظر إلنيا على وجه الخصوص، ونحن الآن لا نتعامل مع الكتب إلا عن طريق الفهارس، ولأخذ حاجتنا فقط، وقل أن تجد منا من قرأ كتاباً كاملًا، للمعرفة وحدها، لا للمرجعية فحسب.
وما قيل عن ابن منظور و «اللسان» يقال عن المرتضى الزبيدي و «التاج»، فقد جمعه الزبيدي من مراجع كثيرة، منها اللسان، وجمهرة ابن دريد، ومقاييس اللغة لابن فارس، وأساس البلاغة للزمخشري، ثم كتب الصاغاني، وأخضعها جميعاً للمنهج الذي ارتضاه صاحب اللسان.
على أن ابن منظور والمرتضى الزبيدي لو كانا قد أرادا ترتيب المادة اللغوية على ما يريدها الناس الآن، لما استقام الأمر لهما ولا لغيرهما، فهناك أبنية لا تأتي إلا مقرونة بغيرها، كأبنية المصادر التي تأتي عقب الأفعال، وكالجموع التي تأتي مقترنة بالمفرد، ثم هناك الأبنية المرتبطة بالنصوص، والتي لو عزلت عن سياقها في شاهدها وسلكت مع نظائرها لفقدت روح دلالتها، وعندي من هذا وذاك أمثلة كثيرة، لا يتسع المقام هنا لذكرها. وإن تفتيت المادة اللغوية على ما يريده الناس الآن يصادم روح اللغة ونظامها، ولذلك تعجبني كلمة الدكتور رياض زكي قاسم، في كتابه الذي ذكرته