ويبقى أن أشير إلى أن أبياتاً أربعة من هذه القصيدة نُسبت إلى حسان بن ثابت - انظر ديوانه ص ٤٩٨ - ولا تصح هذه النسبة، وقد ردها الحافظ السيوطي في كتابه اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ١/ ٢٦٤، ٢٦٥.
[بحر القصيدة]
جاءت هذه القصيدة على البحر المنسرح، وتفعيلاته:
مستفعلن مفعولات مستعلن ... مستفعلن مفعولات مستعلن
مع ما تطيقه هذه التفعيلات من زحافات وعلل.
ويرى بعض الدارسين المحدثين أن النظم على هذا البحر قليل، لأن فيه عنتاً ومشقة، وقد قل النظم عليه، وكاد يهجر لاختلاف موسيقاه عن جنس الموسيقى الشائعة الأوزان، ويرى بعضهم أن إيقاع هذا البحر خافت يكاد يكون كلاماً منثوراً، بل إن بعضهم تنبأ بأنه سينقرض من الشعر في مستقبل الأيام! . وهذه كلام من لا يرتاح إلى هذا الوزن، وينفر منه بطبعه، فيجعل من ذوقه الخاص حكماً عاماً، ثم هو كلام يرسل إرسالًا، دون مراجعة أو إحصاء، فإن النظم على هذا البحر شائع في الشعر الجاهلي، وفيما بعده إلى يوم الناس هذا، وإن لصديقنا الشاعر عبد اللطيف عبد الحليم (أبو همام) أنساً بهذا البحر وولعاً، وقد أنشأ ديواناً، أداره كله على هذا البحر، وسمَّاه:(من مقام المنسرح)، ثم لا يزال يتعاهده في شعره بين الحين والحين.
ثم ذكر العلامة عبد الله الطيب المجذوب كلاماً عالياً هذا البحر المنسرح في كتابه الفذ: المرشد إلى فهم أشعار العرب ١/ ١٧٥ - ١٩١، وذكر أن هذا البحر في الجاهلية قد شاع في فنَّي الرثاء المراد به النوح، والنقائض، وأنشد قدراً صالحاً من الشواهد، ثم ذكر أن الخريمي الشاعر أنشأ قصيدة من هذا البحر، من مائة وخمسة وثلاثين بيتاً يصف فيها الفتنة ببغداد أيام الأمين والمأمون. وأنشد في كتابه بين النير والنور ص ١٦٩، هذا البيت: