للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وقد رأينا كثيراً ممن تطاولوا على الدين وهزأوا به وسخروا منه في مجالسهم، أو في أعمالهم الأدبية - شعراً أو نثراً - قد انتهى أمرهم إلى خسار وبوار، بل إن منهم من رأى فقره بين عينينه، ورأى عافيته تتفلت من بين يديه، مع ما تراه من ظلام في وجوههم ... {ومن يهن الله فما له من مكرم} [الحج: ١٨].

[وتبقى بعد ذلك كلمة]

- لقد قلت من قبل إن أسلوب هذا الكاتب عذب مصطفى، واللهم نعم! لكن شاب هذا الصفاء، وعكر هذه العذوبة بعض أوشاب مما يخالط الأساليب الشريفة، تتسلل إليها لواذاً، وكأنها العدوى المهلكة، تتخلل ذرات الهواء، لا تحس بها إلا وقد داهمتك في خلايا بدنك - عافاك الله - فلا تستطيع لها دفعاً ولا مرداً.

ومن ذلك ما جاء في كلام المؤلف الفاضل من هذا التركيب «موسيقى القرآن» وهو تركيب رخو لين، لا يليق بجلال القرآن وبهائه، ولا تقل: لا بأس علينا من تقارض مصطلحات العلوم، لأن فيه إثراء للغة، لا تقل هذا ولا تغتر به، لأنه مدخل لبلاء عظيم، ولو فتحنا هذا الباب لفسد علينا كل شيء، فإن للكلام حدوداً ومعالم ينتهي إليها، أنسيت أن منا من قال: إن القرآن رسم لوحة صفتها كيت وكيت؟ فجعل المولى عز وجل فناناً تشكيلياً يحمل فرشاة يغمسها في ألوان، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

لقد غيروا «النظم القرآني واتساقه» فجعلوه «موسيقى القرآن»، ثم غيروا «العروض» فجعلوه «موسيقى الشعر»، ثم غيروا «علم الصرف» فسموه «علم الصوتيات»، وثم وثم وثم، وبالله نستدفع البلايا! .

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>