المطبوع زاخرة بالأخطاء والتصحيفات، فيجب إعادة طبعه على هذه المخطوطات النفيسة منه.
والعمدة لابن رشيق رأيت منه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض مخطوطة تشتمل على الجزء الثاني - وهو آخر الكتاب - بقلم نسخي نفيس عتيق، لا يخرج عن القرن السادس، وكانت هذه المخطوطة في ملك الأديب المصري الشيخ علي الليثي، ثم خرجت من القاهرة واستقرت بالرياض، وكلها بلاد الله، المهم ألا تضيع المخطوطات، ودعك من حديث سرقة المخطوطات وبيعها فهو حديث خرافة.
[ماذا عن علم المخطوطات؟]
وهذا الذي ذكرته لك أيها القارئ الكريم هو جزء من علم ضخم هو «علم المخطوطات»، وهذا العلم ذو شعب كثيرة، وقد بدأ الاهتمام به حين استقر علم «تحقيق النصوص ونشرها»، فإن النصوص حين تحقق إنما تعتمد على أصول مخطوطة، موثقة ثم استقل الحديث عنه علماً قائماً بذاته، يتناول قضايا كثيرة: تبدأ بتاريخ التدوين بعد انحسار عصر الراوية، وأدوات الكتابة من أقلام وأحبار، وما يكتب عليه من عسب النخل، وعظام الإبل، واللخاف: وهي الحجارة البيض العريضة الرقيقة، والجلود والرق - بفتح الراء - وهو الجلد الرقيق الذي يؤخذ من بطن الغزلان، وتاريخ ظهور الورق وصناعته، وأماكن وجوده، وأنواعه من الصيني والسمرقندي والمصري والبغدادي والمملوكي، ثم ما يتبع ذلك كله من الإملاء والنسخ ومنازل النساخ وطبقاتهم، ثم معرفة منازل النسخ للكتاب الواحد، وتقديم نسخة على أخرى، وفق المعاييري التي ذكرتها في مقدمة هذه الكلمة، ومعرفة الخط العربي بنوعيه: المشرقي والمغربي، وتطوره وسمات كل عصر في نوع الخط الذي يشيع فيه، وتوظيف ذلك كله في تقريب زمن كتابة المخطوط عندنا يفقد المخطوط تاريخ كتابته، ومعرفة أمراض المخطوطات، من الرطوبة والأرضة، وهي تلك الحشرة الآكلة التي تسمى في بلادنا المصرية: السوس أو العثة - وبنطقها العوام