بمدينة كلكتا سنة ١٨٨٧ م، و «مغازي الواقدي» سنة ١٨٥٥ م، و «حماسة أبي تمام» سنة ١٨٥٦ م، و «تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التاريخ والسَّير» لابن الجوزي، بمدينة دلهي سنة ١٢٨٦ هـ.
وكذلك تعددت المطابع في المغرب العربي، والعراق وبلاد الشام، وأخرجت قدراً ضخماً من علومنا ومعارفنا، وفي السنوات الأخيرة دخلت الدول العربية الغنية الميدان، فأنشأت المراكز التراثية التي جمعت صور المخطوطات، وأنفقت بسخاء على تحقيق الكتب ونشرها. وتعدت دور النشر الصغيرة والكبيرة في جميع البلدان العربية.
[الوفاء لتراثنا]
إذن نحن أمام قدر هائل من المطبوع العربي ملأ السهل والجبل في كل علم وفن، فهل يحقق لقائل أن يقول:«امتلأ الحوض وقال قطني»، أي حسبي، ولسنا في حاجة إلى جمع المخطوطات والبحث عنها وتحقيقها ثم نشرها، فإن ما في يدنا من مطبوع التراث فيه مقنع وبلاغ، وبارك الله فيما رزق.
ونعم ... كان حسبنا هذا وكافينا لو ظل تعاملنا مع تراثنا كما هو الآن: حَسْوة الطائر وقَبْسة العجلان، تأخذ حاجتك وتمضي لا تلوي على شيء. وليس الطريق هنالك! إن أكبر الآفات عندنا اليوم أننا نتعامل مع كتبنا تعامل المراجع، على قدر الحاجة ليس غير، وكأنها تَحِلة القسم أو إبرار اليمين، وقلّ من يقرأ منا كتاباً بأكمله.
ومن هنا نقنع باليسير، وتظل الصورة الحقة لتاريخنا وفكرنا مغيّبة عنا تماماً.
إن الوفاء لتراثنا والكشف عنه ومعرفته يقتضي نفضه كله ومفاتشته كله، وكما يصنع الورثة الذين يبذلون أقصى السع والطاقة لمعرفة ما دقّ وجلّ من تركة مورَّثهم حتى لا تفوتهم منه فائتة، ولا يسقط عليهم منه شيء، كذلك ينبغي أن يكون بحثنا عما استودعه أهل العلم من أمّتنا بطون الكتب والدفاتر.
وفي هذا المجال ينبغي أن نستبعد من منهجنا ما يشيع في بعض الدراسات