للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فهم النص واستيعابه]

ومع هذا التشابه الواضح بين الشيخين، فإن ابن الجوزي ينفرد بكثرة التأليف والتصنيف. حتى ليقول عنه الذهبي: "وما علمت أحداً من العلماء صنف ما صنف هذا الرجل" تذكرة الحفاظ ص ١٣٤٤، أما الشيخ الشعراوي فلم يترك شيئاً مكتوباً، وأما هذا الركام المطروح في الأسواق من الكتب التي تحمل اسم الشيخ الشعراوي، فلا ينبغي أن تكون محل ثقة أو قبول، وهي أعمال تجميعية من التسجيلات الإِذاعية والتلفزيونية، وهي من عمل بعض الناشرين، وواجب على الأزهر وعلى أسرة الشيخ أن تحاصر هذه المطبوعات، وأن تمنع تداولها في الأسواق.

وقد نهى الشيخ رحمه الله عن هذا العمل، فقال في آخر توقيعاته، كما جاء بالأهرام ١٩/ ٦: "آخر قرار وقعه ناشد فيه الناشرين بأنهم عندما يكتبون كتابات من خواطر الشيخ أن يحسنوا فهم النص ويستوعبوه جيداً، حتى لا يكون هناك هروب من النص، فيساء فهمه ويساء إلينا بالتبعية، لهذا أقرر بعدم نشر أي كتاب منسوب إليّ، بغير اطلاعي شخصياً أو من ينوب عني". وهذا الذي يطلبه الشيخ من الناشرين أن يحسنوا فهم النص، شيء لن يكون ولن يتحقق، لأن الشيخ يسترسل في أحاديثه، وينبسط، ولن يستطيع أي إنسان أن يدوِّن هذا الكلام المسترسل ويضبطه إلا صاحبه.

فالواجب إغلاق هذا الباب تماماً، ومن العجب إنك تجد الآن في الأسواق ما يسمَّى بفتاوى الشعراوي، أو الجامع في الفتاوى، والشيخ رحمه الله لم يكن فقيهاً ولا مفتياً، فشروط الفقيه غير متوفرة في الشيخ، والفتيا في دين الله أمر عظيم، ولها أدوات كثيرة ليست متحققة عند الشيخ، فلنحذر الخلط في أمور ديننا، فإن وراءنا يوماً ثقيلاً، وانظر كتاب: (أدب الفتوى وشروط المفتي وصفة المستفتي وأحكامه وكيفية الفتوى والاستفتاء) لابن الصلاح، ومقدمة محققه الدكتور رفعت فوزي عبد المطلب.

ولم يبق الآن من مبالغات الناس في أمر الشيخ إلا بعض أمثلة، اجتزئ بها عن كثير غيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>