وقال ابن الجوزي عن نفسه، في آخر كتابه القصاص والمذكرين ص ١٩٥:"وإني ما زلت أعظ الناس وأحرضهم على التوبة والتقوى، فقد تاب على يدي إلى أن جمعت هذا الكتاب أكثر من مائة ألف رجل ... وأسلم على يدي أكثر من مائة ألف"، وانظر تفصيلاً أكثر في: كتاب الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب ١/ ٤١٠.
فهذا وجه من وجوه الشبه بين ابن الجوزي والشيخ الشعراوي، وثمة وجوه شبه أخرى، منها هذه التعبيرات والتراكيب الوعظية التي ترد في كلام الشيخين، ذكر ابن رجب في المرجع السابق أن الناس قد طربوا في مجلس ابن الجوزي، فقال لهم:"فهمتم فهمتم" الأولى من الفهم، والفاء فيها أصلية، والثانية من الهيام، والفاء فيها حرف عطف. وذكر ابن رجب أيضا أن رجلاً سأل ابن الجوزي:"أيهما أفضل: أسبّح أم أستغفر؟ ففال: الثوب الوسخ أحوج إلى الصابون من البخور؟ "، وواضح أن الصابون هو معادل الاستغفار، وأن البخور هو مقابل التسبيح.
وكما ازدحم الناس على جنازة الشيخ الشعراوي في بلدته (دقادوس) ازدحم الناس على جنازة ابن الجوزي في بغداد، قالوا:"وحملت جنازته على رؤوس الناس، وكان يوماً مشهوداً بكثرة الخلائق وشدة الزحام، حتى إنه أفطر جماعة من شدة الحر"، وكانت وفاته في رمضان.
ومن العجيب أن ابن الجوزي توفي عن عمر يناهز السادسة والثمانين، وكذلك كان عمر الشيخ الشعراوي يوم وفاته.
وبقي وجه شبه آخر بين الإِمامين: وهو أن كليهما كانت تقدم له الهدايا الكثيرة من الأمراء وأصحاب اليسار، ولكن هل كان ابن الجوزي يجعل من هذه الهدايا نصيبًَ مفروضاً لمصارف البر والتوسعة على الناس، كما شاع وذاع عن الشيخ الشعراوي؟ علم ذلك عند ربي! .