ويجب أشد الوجوب أن نشد أبناءنا إليه في كل مراحل تعليم العربية. وأن يكون اختيارنا لآياته في مقرر (القراءة والنصوص) قائماً على تلك الآيات التي تنمي الحس اللغوي والنحوي عند التلاميذ، ولا سيما تلك الآيات التي تأتي فيها الأفعال مضبوطة على وجهها الصحيح، وقد لاحظت أن كثيراً من أبنية الأفعال التي نهطئ نحن الكبار أيضاً في ضبطها، أو ننطقها على وجه من الوجوه الضعيفة غير الفصيحة، جاءت على وجهها الصحيح في الكتاب العزيز، وأكتفي هنا ببعض الأمثلة:
[أمثلة من القرآن]
يقول الناس في كلامهم:«كبر الولد يكبر» فيضمون الباء في الماضي والمستقبل، والصواب بالكسر في الماضي، وبالفتح في المستقبل:«كبرِ يكبَر» وهذا يكون في السن والعمر، يقال: كبر الرجل يكبر كبراً فهو كبير، أي طعن في السن، ومنه قوله تعالى عن أموال اليتامى والنهي عن أكلها:{ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا أن يكبروا}[النساء: ٦]، أما «كبر يكبر» بالضم في الحالتين، فليس من السن، وإنما هو بمعنى عظم، ضد صغر، وشواهده في الكتاب العزيز كثيرة، منها قوله تعالى: {كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون (٣)} [الصف: ٣]، وقوله عز وجل: {قل كونوا حجارة أو حديدًا (٥٠) أو خلقًا مما يكبر في صدروكم} [الإسراء: ٥٠، ٥١]. ويقولون: نقمت عليه كذا وكذا - أي عبته وكرهته - فيكسرون القاف في «نقمت» والأفصح الفتح: نقمت، وهذا الفعل من باب ضرب، وفي لغة من باب تعب، والأولى هي الأفصح، قال ابن السكيت:«وقد نقمت عليه أنقم، والكسر لغة - أي في الماضي - والفتح الكلام»، قلت: وبه جاء التنزيل، قال تعالى:{وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله}[التوبة: ٧٤]، وقال تقدست أسماؤه: {وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد (٨)} [البروج: ٨]، وقال تقدَّست أسماؤه:{قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله}[المائدة: ٥٩].
ويقولون: فلان ينقصني حقي، وينقص في الميزان، فيضمون ياء المضارعة، والأفصح والأكثر فتحها، ينقصني، وينقص، وهذا الفعل ثلاثي: يستوي فيه اللازم