وحين توفي رحمه الله كان في برنامجه تحقيق جملة صالحة من الكتب أذكر منها:
١ - نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، للإدريسي. وكان يقوم على طبع هذه الموسوعة الجغرافية إحدى جمعيات الاستشراق بإيطاليا، عهدت إلى القيد تحقيق القسم الخاص باليمن، ووزعت بقية الأجزاء على خمسة عشر عالماً ومستشرقاً، وكان رحمه الله على نية العمل في هذا الكتاب خلال شهر رمضان الذي لقي ربه فيه.
٢ - طبقات المفسرين، للداودي تلميذ السيوطي.
٣ - فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة للقاضي عبد الجبار، وهو من التراث الذي اجتلبه من رحلتي اليمن.
٤ - جزء من مختصر تاريخ دمشق لابن منظور، الذي يخرجه معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية.
[ثقافته]
لم ينل فقيدنا من إجازات التعليم سوى الشهادة الابتدائية، حصل عليها سنة ١٩٤٣ م بعد أن سلخ من عمره ٢٧ عاماً، وقد اضطر إلى الحصول على هذه الإجازة الصغيرة لينتقل من طبقة العمال والسعادة إلى طبقة الكتبة والموظفين بدار الكتب المصرية.
ثم التحق بمدرسة «برليتس» ليصيب طرفاً من اللغة الفرنسية. هذا هو كل تعليمه المدرسي، لكنه رحمه الله كان ذا نفس طلعة، حببت إليه المعرفة في كل فرعها فراح ينشدها من بطون الكتب وأفواه الرجال. وكان حصاد هذا كله سعة أفق ورحابة صدر ومضار عقل ونفاذ بصيرة.
اتَّصل رحمه الله بالتراث الإسلامي صبيّاً بحكم عمله في دار الكتب المصرية، وتلمذ هناك لمشيخة جليلة - أسلفت الحديث عنها - شدته إلى التحصيل، فحفظ المعلقات السبع وعيون الشعر فاستقام لسانه.
على أن هناك شخصية كريمة بهرت الفقيد العزيز فأقبل عليها وأفاد منها الخلق