وليس غريباً أن تغيب بعض الألفاظ والتراكيب عن معاجمنا اللغوية، فإن لغتنا العربية أوسع من أن تحيط بها المعاجم وحدها.
وقد قال الإمام الشافعي:«لسان العرب أوسع الألسنة مذهباً وأكثرها ألفاظاً، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي».
وعلى هذا فإن اللغة ينبغي أن تُلتَمس من كتب العربية كلها، لأنك واجد في كتب التفسير والحديث والفقه وأصوله وعلم الكلام والأدب والبلاغة والتاريخ والجغرافية وسائر فنون التراث، من اللغة ما لا تجد بعضه في كتبها المصنفة فيها المقصورة عليها، وذلك لأن العربية كتاب واحد.
وإذ قد ثبت هذا - إن شاء الله - فإنه من الواجب على من يتصدى للتصحيح اللغوي أن يتحلى بالأناة والتوقف والصبر، وألا يهجم على التخطئة دون سند قوي وحجة غالبة.
[نماذج]
وقد كنت عُنيت في مطالع الشباب بتلك الكتب المصنفة في اللحن والأخطاء الشائعة، وكنت أحفظ منها مسائل ذوات عدد، أُديرها على لساني في مجالس المذاكرة والمطارحة، مزهوَّا بما أحفظ، إذ كان عندي هو الصواب الذي لا صواب غيره.
وحين أذن الله - وهو الذي بيده الخير كله - أن أتصل بما كتبه أهل العلم في كتب العربية، وبخاصة شروح الشعر وغريب القرآن والحديث، والأمالي والمجالس، وكتب التراجم والطبقات، ووقفت على تصرف أهل البيان في الأبنية والألفاظ والتراكيب، حين تم لي ذلك - على ضعفي وقلة حيلتي - أيقنت أن ليس الطريق هنالك، وأن التخطئة والتصويب لا يُصار إليهما إلا بعد عناء وجهد، لأن الأفق رحب، والمدى واسع، والشوط بعيد، وبخاصة أننا في زمن انقطعت دونه الرواية، وغاب الأشياخ، فأوصد بغيابهم باب ضخم من أبواب العلم، لأننا أبناء أمة