العربية، وهناك قانون ملزم بذلك الإِيداع، لكني احسب أن هذا القانون إنما يلزم الناشرين فقط من التجار وأصحاب المطابع.
[غياب الكتاب العربي]
فأنت ترى أيها القارئ الكريم أن الكتاب العربي المطبوع قد غاب مرتين: المرة الأولى لتقادم عهد طباعته حتى صار كالكتاب المخطوط، والمرة الثانية لبعده عن أيدي الدارسين بمحدودية توزيعه وإذاعته.
ولقد أدى غياب الكتب الآن إلى غياب المرجعية في قضايا الفكر والأدب، وصار كثير من الناس الآن، وبخاصة المبتدئون من الدارسين يكتبون من رؤوسهم، وما تسرع إليه خواطرهم، وقديماً قال الجاحظ:"وإنما يؤتى الناس من ترك التثبت وقلة المحاسبة". وقال الشيخ عبد القاهر الجرجاني:"وتلك جريرة ترك النظر وأخذ الشيء من غير معدنه"، ولا يخفى أن من ترك التثبت وأخذ الشيء من غير معدنه غياب الكتب والتعويل على الرأي وحده.
إذن نحن مطالبون بأمرين: الأمر الأول: إنعاش ذاكرة الأمة العربية، وإنقاذ تاريخها من قرارة النسيان وبئر الضياع، باسترجاع مطبوعاتها العربية على امتداد الأربعمائة سنة التي أشرت إليها.
والأمر الثاني: رصد ومتابعة وجمع ما يطبع من الكتب العربية في كل بلدان العالم أولاً بأول، وبتحقيق هذين الأمرين نكون قد عملنا على تجميع الكتاب العربي المطبوع، وهو مقترحي الأساسي، وهدفي من هذه الكلمة كلها.
[مكتبة العرب]
ولكن كيف يتم ذلك؟ وما السبيل إلى تحقيقه؟ والجواب وبالله التوفيق، دون تطويل أو ثرثرة، إنشاء مكتبة كبرى، تسمَّى "مكتبة العرب" ينشئها هؤلاء السادة الأثرياء النبلاء، مجتمعين أو متفرقين، ويختارون لها مكاناً كبيراً في بلد عربي يتوسط البلدان العربية، ويسهل على أبناء الأمة العربية النزول به والإِقامة فيه،