للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيان .. والطريق المهجور (١) [١]

من أجل نعم الله على عباده: نعمة البيان، وقد امتن الله على عباده بهذه النعمة، فذكرها في أشرف سياق، فقال تقدست أسماؤه: {الرحمن (١) علم القرآن (٢) خلق الإنسان (٣) علمه البيان (٤)}.

ولا ينبغي أن يكون المراد بالبيان هنا مجرد الكشف عما في النفس لقضاء الحاجات واتصال مصالح العباد، لأن الكشف عما في النفس يؤديه الكلام وهيئة الحال والإشارة والعلامة، وليس المراد أيضاً بالبيان مطلق الكلام، لأن هذا مما يستوي فيه الناس جميعاً، ولا يفضل بعضهم بعضاً فيه إلا بما يكون من سلامة مخارج الحروف، واستواء النطق، والبراءة من أسباب العي والحصر والحبسة.

لكن المراد بالبيان: الإحسان في تأدية المعاني، يقول أبو الحسن الرماني: «وليس يحسن أن يطلق اسم بيان على ما قبح من الكلام، لأن الله قد مدح البيان واعتد به في أياديه الجسام، قال: {الرحمن (١) علم القرآن (٢) خلق الإنسان (٣) علمه البيان (٤)}، ولكن إذا قيد بما يدل على أنه يعني به إفهام المراد جاز»، النكت في إعجاز القرآن ص ٩٨.

وقد مدحوا البيان وعظموا شأنه، فقالوا: البيان بصر والعي عمى، كما أن العلم بصر والجهل عمى، والبيان من نتاج العلم، والعي من نتاج الجهل، وقال


(١) مجلة «الهلال» , مارس ١٩٩٥ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>