المتوفى سنة ٦٦٠ هـ - وهو صاحب مختار الصحاح - قال في كتابه أنموذج جليل في بيان أسئلة وأجوبة من غرائب آي التنزيل، في تجيه الآية ٣٢ من سورة الإسراء:«فإن قيل: كيف قال تعالى: {ولا تقربوا الزنى}[الإسراء: ٣٢]، ولم يقل: ولا تزنوا؟ قلنا: لو قال: ولا تزنوا، كما نهياً عن الزنا لا عن مقدماته، كاللمس والمعانقة والقبلة ونحو ذلك، ولما قال:{ولا تقربوا} كان نهياً عنه وعن مقدماته؛ لأن فعل المقدمات قربان للزنا».
[الشيخ وإنشاد الشعر]
الشيخ الشعراوي شاعر طويل النفس، شجي النغم، وإن كان هو لا يذكر هذا، لكن زملاءه وعارفيه يذكرونه، ويروون أنه أنشد قصيدة طويلة أمام الدكتور طه حسين رحمه الله يوم أن قدم إلى جدة في الخمسينات الميلادية في اجتماع الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية، ويذكرون أن الدكتور طه حسين طرب كثيراً لهذه القصيدة.
والشيخ - كما هو معروف - متخرج في كلية اللغة العربية من كليات الأزهر الشريف، وكانت مناهج الدراسة فيها في ذلك الزمان مما يغذي الملكات وينمي المواهب، مع تلك الصفوة من العلماء المدرسين المشايخ إبراهيم حمروش ومحمد علي النجار ومحمد الطنطاوي ومن إليهم.
والشعر يخف على لسان الشاعر اللغوي فيحفظه ويرويه. ومحفوظ الشيخ من الشعر عال وغزير جداً، ويأتي في مقدمة محفوظة: ذلك الشعر المعروف بشعر الشواهد، كشواهد اللغة والنحو والبلاغة والعروض، وشعر الشواهد هذا ينثال على لسان الشيخ انثيالًا، فما ذكر معنى لغوياً، أو توجيهاً نحوياً، أو تفسيراً بلاغياً إلا واستشهد له بالبيت والبيتين.
وإلى جانب شعر الشواهد هذه يتدفق الشيخ بعيون الشعر العربي من كل العصور، من الجاهلي إلى أحمد شوقي ومحمد إقبال، وله بشعر شوقي عناية خاصة، وكأنه يستظهره استظهاراً، ولا يقف إنشاد الشيخ عند الشعراء المكثرين