المشاهير فقط، بل يشمل أيضاً الشعراء المقلين المغمورين، وقد سبق استشهاده بشعر عروة بن أذينة، أما ذلك الشعر الذي يعرف بشعر المذاكرة والمجالسة، وهو ما يتمثل به في المواقف وأحوال الناس وتقلبات الزمان، فعند الشيخ منه الكثير من مختلف العصور، وأذكر أن الشيخ في بعض دروسه ولقاءاته وقف عند ما يلقاه الناس من العداوات وبغي بعضهم على بعض، وعلى عادة الشيخ في استخراج الحسن من السيئ، واستنباط الخير من الشر، قال: إن عداوة الناس قد تأتي بالخير ...
واندفع في كلام طويل، وهنا قفز إلى ذهني بيتان في صميم ذلك الكلام لأبي حيان النحوي، وإذا بالشيخ ينشدهما، وذلك قول أبي حيان:
عداتي لهم فضل علي ومنة ... فلا أذهب الرحمن عني الأعاديا
هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها ... وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا
فقلت: سبحان الله! أي قراءة قرأ هذا الشيخ؟
وحفظ الشعر واستدعاؤه ضروري في تفسير كلام الله عز وجل. يقول الإمام مجد الدين ابن أبي الفرج الروذراوري المتوفى سنة ٦٦٧ هـ:«ومن ظن أن القرآن يفهم كما ينبغي من غير تحقيق كلام العرب وتتبع أشعارهم وتدبرها كما يجب فهو مخطئ. كان ابن عباس - رضي الله عنه - حبر هذه الأمة ومفتيها ومفسر القرآن، وقد قال تلميذه عكرمة: إنه كان إذا سئل عن مشكل في القرآن يفسره ويستدل عليه بيت من شعر العرب، ثم يقول: «الشعر ديوان العرب». وانظر: العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده لابن رشيق ١/ ٣٠.
وبعد: فهذا شيخ جليل جاء على حين فترة من العلماء الحفاظ الضابطين، وهو يمثل صورة زاهية للعالم الأزهري المؤسس على علوم العربية وقوانينها، من حفظ المتون، وإتقان التعريفات، والصبر على المطولات، والنظر في الحواشي والتعليقات والتقريرات، فإذا ثبت هذا - وهو ثابت إن شاء الله - فلم ينصف الشيخ من يقول عنه: إنه ملهم لا غير، وإن ما يقوله إنما هو من باب العلم اللدني، فهذه