للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلامة الإِعرابية هي قضية القضايا في النحو العربي بقسميه: نحو الصنعة ونحو التراكيب، وقد أكثر الدارسون القدامى والمحدثون من الكلام عنها، وعن العامل الذي جلبها، وهل هو عامل لفظي أو معنوي، مما لا يتسع المقام هنا لبسطه وشرحه، ومن أجمع ما كتب فيها كتاب: "العلامة الإِعرابية في الجملة بين القديم والحديث"، للدكتور محمد حماسة عبد اللطيف.

وهذه العلامة هي إحدى القرائن النحوية، ومهما اختلف الدارسون في وضع هذه العلامة مع القرائن الأخرى، سبقاً أو توسطاً أو تأخراً، فلن يستطيع الدارس المستند إلى قراءة واسعة في كتب النحو وفي غير كتب النحو، أن يغفل أثر هذه العلامة، وأنها أحياناً تكون حاسمة في تحديد المعاني والدلالات، لا يشركها معها غيرها، ولا يقوم شيء مقامها، وأمثلة ذلك مما يطول به الكلام جداً، وأظن أنه لا يخفى على القارئ اختلاف الدلالة في قوله تعالى: {أن الله برئ من المشركين ورسوله} [التوبة: ٣]، برفع اللام وجرها من (رسوله) وكذلك اختلاف تقدير عدد النسوة في قولنا: "جاء سبعة رجال ونسوة" بين جر "نسوة" ورفعها، فإذا قلنا و "نسوة " بالجر، كان عددهن سبعاً، لأن "نسوة" حينئذ تكون معطوفة على "رجال" وهم سبعة، وإذا قلنا "نسوة" بالرفع، كانت على الابتداء، والخبر محذوف، وتقدير الكلام "ونسوةٌ لا يعلم عددهن".

سأترك هذا وأشباهه لأذكر مثالين اثنين على الإِعراب وأثره في توجيه المعنى، وعلى المعنى وأثره في توجيه الإِعراب، وإنما ذكرت هذين المثالين لأن الناس لا تلتفت إليهما ولا تقف عندهما.

[الفرق بين الرفع والنصب]

المثال الأول، ذكره ابن هشام في المغني ٢/ ٥٢٨: "قال الشَلوْبين (٦٥٤ هـ): حُكي لي أن نحويّاً من كبار طلبة الجُزُولي سُئل عن إعراب (كلالة) من قوله تعالى: {وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة} [النساء: ١٢]، فقال: أخبروني ما

<<  <  ج: ص:  >  >>