للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدراسات والتحقيقات، من استنامة إلى السهول والتساهل، مع أن الأدفوي يقول في البدر السافر: محمد بن مكرَّم الإفريقي المحِتد القاهري المولد. وهذا ابن سعيد يروي نقلًا عن المكرَّم نفسه والد محمد، أنه أي المكرَّم - ولد بالقاهرة. فإذا كان الأب نفسه ولد بالقاهرة فبأي حق يفتش الدارسون عن عبقرية إفريقية (تونسية) ولدى ابن منظور؟ ».

ومهما يكن من أمر فقد عرف ابن منظور بالاشتغال بالأدب، نظماً ونثراً، مع معرفة بالنحو واللغة والتاريخ، وتولى كتابة الإنشاء بالدولة، وكان كثير النسخ، ذا خط حسن. قد اشتهر باختصار الكتب.

[التصنيف والتدوين]

ومع هذا النشاط الظاهر في الاشتغال بعلوم العربية واختصار مصنفاتها، فما عرف ابن منظور وما شهر إلا بكتابه العظيم: لسان العرب.

وقد جاء ابن منظور بعدما استقر التأليف المعجمي، واتضحت طرائقه ومدارسه. وقد بدأ التصنيف - كما هو معروف - موازياً للتدوين في علوم العربية، في النصف الأول من القرن الثاني، وتمثل ذلك في تلكم الرسائل الصغيرة التي تناولت موضوعات بعينها، مثل ما كتب في خَلْق الإنسان والبهائم والحشرات، والإبل والخيل والنخل والنبات والمطر واللبن، وما كتب في نوادر الأبنية، ثم ما كتب في غريب القرآن والحديث. قام بهذا اللغويون الأوائل، مثل أبي خيرة الأعرابي، وأبي عمرو بن العلاء وأبي مالك الأعرابي، وأبي زيد، والأصمعي، وأبي عبيدة معمر بن المثنى، وأبي عُبيد القاسم بن سلاّم.

وفي ذلك الزمان أيضاً قام الخليل بن أحمد بتصنيف أول معجم متكامل، وهو المعجم الرائد «العين» الذي رتبه على مخارج الحروف. وبجانب هذا التأليف المعجمي الخالص الذي بدأه الخليل قام العلماء من النحاة واللغويين بصنع دواوين الشعراء وشرحها، من أمثال الأصمعي وتلميذه أبي نصر الباهلي، وأبي عمرو

<<  <  ج: ص:  >  >>