تحس فيه بدقة العالم وتصرف المتثبت المحقق. استمع إليه في مقدمة الفهرس العام لمعهد المخطوطات:«وقد عنيت عناية شديدة بذكر اسم المؤلف كاملًا مصحوباً بكنيته ولقبه ونسبه، مع التحري الدقيق لتاريخ وفاته، أو تعيين القرن الذي عاش فيه معتمداً في ذلك على كتب التراجم والطبقات. وكنت حريصاً على التعريف بالكتاب ومحتوياته وتبويبه وذكر ما يشمله من موضوعات، ما وافتني بذلك المصادر والأصل. وعنيت أيضاً بعمل إحالات متعددة للكتب التي لها أسماء مختلفة، أو اشتهرت بعناوين معينة، أو كانت اختصاراً أو شرحاً لكتب أخرى، كما أن الكتب التي تبحث في أكثر في موضوع كررت ذكرها ذكرها في فنونها المتعددة، كل ذلك تيسيراً للباحث وعوناً له على الوصول إلى طلبته من أية مظنة».
وكان رحمه الله على صلة ومشاركة في أعمال معاهد الاستشراق بمصر وعلى وجه الخصوص المعهد الفرنسي. ولما أنشأ المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالجمهورية العربية المتحدة فرعاً لنشر التراث الإسلامي عام ١٩٦٠ م كان رحمه الله عضواً فيه من أول جلسة.
وفي العام الفائت أنشأت وزارة الثقافة معهداً ملحقاً بدار الكتب المصرية لتحقيق النصوص ونشرها يلتحق به خريجو الجامعات. وقد اختير رحمه الله ليحاضر في هذا المعهد.
[رحلاته العلمية]
حجَّ رحمة الله عليه مرَّتين، زار خلالهما مكتبات مكة والمدينة، واطلَّع على نفائس المخطوطات هناك، وتوثَّقت صلاته بعلمائهما.
وفي سنة ١٩٥٧ م، انتدب ضمن بعثة لزيارة مكتبة دير سانت كاترين بشبه جزيرة سيناء، لدراسة ما تحويه من مخطوطات أثرية وتقديم تقرير بما يجب اتباعه لحفظ هذه المخطوطات وحمايتها.
ثم كانت رحلتاه إلى اليمن، الأولى سنة ١٩٥٢ م، والثانية ١٩٦٤ م، في بعثة برياسة الدكتور خليل نامي أستاذ فقه اللغة بآداب القاهرة. وفي هاتين الرحلتين