للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآي تترى (١)

تدور بنا الأيام وتطوينا الليالي، ونحن غارقون في لجة الحياة، نضرب في الأرض ونمشي في مناكبها، نغدو ونروح بآمالنا وحاجاتنا التي لا تنقضي، وأيامنا متشابهة وليالينا مكرورة، ولا ينسخ هذا التشابه، ويكسر ذلك التكرار إلا بعض أيام من الدهر، تبعث فينا النشوة والبهجة، حين تردنا إلى ذكرى عزيزة.

وليس كالمولد النبوي الشريف داعياً إلى البهجة، وجالباً للنشوة، وناشراً لما طوي من الذكريات العزيزة.

ففي اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأنور ولد ذلك الصبي "اليتيم" الذي جاء على فترة من الرسل، وقد غير وجه الدنيا بما أنزل الله عليه من القرآن العظيِم، والسنة المطهرة التي هي الحكمة، في قوله تعالى {واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به} [البقرة: ٢٣١]، اللهُمَّ صلّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد بن عبد الله، وعلى أبويه الكريمين إبراهيم وإسماعيل ثم على سائر إخوانه المصطفين الأخيار، وآله الأطهار وأصحابه الأبرار.

وهذا النبيّ الكريم صلى الله عليه وسلم الذي تحدَّر من أصلاب كريمة، صنعه الله على عينه، ورزقه الخلق العظيم، فكان مثلاً أعلى للكمال الإِنساني، وقد ملأ العيون نوراً، وغمر القلوب حباً، واستوى في حبه من رآه وصحبه، ومن قرأ سيرته واتبع سنته. وقد فتحت سيرته العطرة للأدباء وقالة الشعر، باباً واسعاً لمديحه وذكر شمائله صلى الله عليه وسلم


(١) مجلة "الهلال"، يوليو ١٩٩٨ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>