كان عرسًا ثقافيًا رَائعًا، ذلك الذي أقيم لأبي حيان التوحيدي، رغم أني لم أدع للمشاركة فيه، مع أن أعدل ترجمة أنصفت أبا حيان جاءت في كتاب حققته ونشرته منذ ٢٥ عامًا، أنا وأخي عبد الفتاح الحلو رحمه الله، وهو طبقات الشافعية للسبكي، "والشكوى لغير الله مذلة، وربنا مع المنكسرين جابر"، وقد نجح جابر عصفور نجاحا ظاهرًا في الإِعداد لهذا المهرجان وخرج به في أبهى صورة.
وأبو حيان ثاني اثنين أضاءت بهما الكلمة العربية، فأنت مع الجاحظ ومعه تنعم بحلاوة البيان العربي ويغمرك بهاؤه وسناه، الذي يحجبك عنه الآن دعاة الألسنية والموضوعية والتفكير العلمي، "ارجع من فضلك إلى ما كتبته عن البيان والطريق المهجور- الهلال مارس، ابريل ١٩٩٥ م".
ولم يغُبر في وجه هذا المهرجان إلا تلك العامية البغيضة التي جرب على ألسنة كثير من المعقبين على الندوات، وبعضهم من أساتذة الجامعات، مثل قول أحدهم:"الرأي دوت" مكان: "الرأي هذا"، وقول بعضهم:"الأفكار العبيطة" موضع: "الساذجة" والحرص على كسر النون في أوائل الأفعال المضارعة، مثل: نفهم ونقرأ ونحاول "ولا تقل إنها لهجة عربية قديمة. فالذي ينطقها هكذا لا يعرف ذلك،
"وإلحاق الشين في أواخر الأفعال، مثل: ما أظنش، وما افتكرش، عيب يا أساتذة "فضحتونا أمام الأجانب".