فثبت إذن أن القراءات القرآنية كلها بوجوهها المختلفة من عند الله، ولا دخل لخط المصحف فيها، ولا للوجوه النحوية أو اللغوية فيها كذلك، وثبت أيضاً أن اختلاف القراءات القرآنية إنما هو اختلاف تنوع، لا اختلاف تضاد.
أما السؤال عن كيفية نزول جبريل عليه السلام بهذه القراءات المختلفة، فقد أجاب عنه ابن قتيبة، فقال:"وكل هذه الحروف - يعني الوجوه المختلفة للقراءات - كلام الله تعالى، نزل به الروح الأمين على رسوله عليه السلام، وذلك أنه كان يعارضه في كل شهر من شهور رمضان بما اجتمع عنده من القرآن، فيحدث الله إليه من ذلك ما يشاء، وينسخ ما يشاء، ويسر على عباده ما يشاء، فكان من تيسيره: أن أمره بأن يقرئ كل قوم بلغتهم، وما جرت عليه عادتهم"، انظر: تأويل مشكل القرآن ص ٣٨ واقرأ بقية كلامه، فإنه عالٍ نفيس.
وبعد: فهلا آن الأوان لجامعاتنا العربية أن تهتم بهذا العلم - علم القراءات -: رواية ودراية، فتجعل له نصيباً مفروضاً في مناهج الدراسات العليا، ونعم إنها تمنح فيه درجات عليا، ولكن في جانب واحد منه، وهو جانب الأصوات مع المقارنة بالدراسات اللغوية الحديثة، وهذا ليس كافياً. ولعلي أعود إلى هذا الموضوع بشيء من البسط والتفصيل إن شاء الله.
وتحية إلى فضيلة الشيخ الشعراوي الذي فتح لنا هذا الباب من القول.