أما أبرز علوم من علوم القرآن يقف عنده الشيخ ويطيل الوقوف، ولا يزال يعتاده يوماً بعد يوم فهو «علم الأشباه والنظائر» أو «علم الوجوه والنظائر»، وهو علم يتناول دوران الكلمة أو التركيب في القرآن على أوجه مختلفة، من حيث اختلاف المعنى الدلالي للكلمة، أو اختلاف التركيب بالتقديم والتأخير. وقد أفرد هذا العلم بالتأليف كثير من العلماء، منهم مقاتل بن سليمان، والدامغاني، وابن الجوزي، ومن أمثلته ما يذكره الشيخ حول قوله تعالى:{ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم}[الأنعام: ١٥١]، وقوله:{ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم}[الإسراء: ٣١]، وقوله تعالى:{وما أهل به لغير الله}[البقرة: ١٧٣]، وقوله:{وما أهل لغير الله به}[المائدة: ٣].
ومن القضايا القرآنية التي يحتشد لها الشيخ احتشاداً: قضية دفع التعارض والتناقض بين آي الذكر الحكيم، كقوله تعالى:{ولا تزر وازرة وزر أخرى}[الأنعام: ١٦٤]، مع قوله:{ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم}[النحل: ٢٥]، وكقوله تعالى:{ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك}[النساء: ٧٩]، بإزاء قوله:{قل كل من عند الله}[النساء: ٧٨].
أما أسرار النظم القرآني، وإيثار أسلوب على أسلوب، فهو مما يفيض فيه الشيخ كثيراً، وهو يرجع فيه إلى محصول وافر ومحفوظ واسع من ثقافته الأزهرية الغنية، لا إلى ما يقوله بعض مستمعي الشيخ ومريديه من أنه يلهم به إلهاماً، ويحدث به تحديثاً، وكأنه غير مسبوق أو مشارك، ونحن لا ننكر أن الله يفتح على بعض عباده فتحاً، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، لكننا نقرر أن كثيراً مما يذكره الشيخ معروف ومذكور ومسطور في الكتب، وفضل الشيخ أنه يذكره إذ نسيه الناس، ويرعاه إذ أهمله الناس، فهو يحيي ما درس، وينفخ فيما خمد.
ولعل القارئ الكريم يسمح لي بالتذكير بصورة مما سبق به علماؤنا مما يذكره الشيخ، وذلك ما ذكره الإمام محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي