والمتعدي، يقال: نقض الشيء، نقصته أنا، ونقصه هو. وفي لغة: أنقصه ونقَّصه، معدَّى بالهمزة والتضعيف، لكنها لغة ضعيفة، ولم تأت في كلام فصيح، وشواهد ذلك من القرآن المتلو المحفوظ، {ولا تنقصوا المكيال والميزان}[هود: ٨٤]، وقوله تعالى:{أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها}[الرعد: ٤١]، وقوله:{إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئًا}[التوبة: ٤]. وقد جاء اسم المفعول من الثلاثي في قوله عز وجل: {وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص (١٠٩)} [هود: ١٠٩].
ويقولون: حرص فلان على كذا، وحرصت على كذا، فيكسرون الراء، والأفصح فتحها، حرص وحرصت، وبالفتح جاء التنزيل، قال سبحانه وبحمده: {وما أكثر الناس ولو حصرت بمؤمنين (١٠٣)} [يوسف: ١٠٣]، وقال عزَّ وجلّ:{ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم}[النساء: ١٢٩].
ويقولون: صلح حالي، وصلح أمري، فيضمون اللام، والأفصح فتحها: صلَح، قال تعالى:{جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم}[الرعد: ٢٣]، وقال تقدَّست أسماؤه:{ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم}[غافر: ٨]، ومن شواهد ذلك في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم من حديثه الطويل:«ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله»، قال الحافظ ابن حجر بعد أن ذكر فتح العين في «صلح»: «وحكى الفراء الضم في ماضي صلح». وهذا بالفعل من باب قعد: صلح يصلح، وذكر ابن دريد أن ضم اللام في الماضي ليس بثبت.
وهكذا تكون النصوص التراثية - وأعلاها كلام ربنا عز وجل - وسيلة ضبط وإتقان، إذا اعتنينا بها قراءة وحفظاً.
ويبقى أمر لا بد من إثارته، لأنه يتصل بموضوعنا هذا بنسب وثيق، وإن كان في الظاهر دخيلًا عليه وبعيداً عنه، ولأنه أيضاً يتصل بالثقافة العامة وتنمية وجدان الأمة: وذلك أنك كنت تجد - في الزمان القريب - من أوساط الناس وعوامهم من يأنس للكلام الفصيح ويرتاح له، ويحفظ منه الشيء بعد الشيء، وذلك من خلال ما