طبعا في المطبعة الأميرية - مطبعة بولاق - سنة ١٩١٤ م باسم لجنة إحياء الآداب العربية التي عُرفت فيما بعد في دار الكتاب المصرية باسم القسم الأدبي، ولعل هذين الكتابين مع كتاب «التاج» للجاحظ الذي حققه أيضاً في السنة نفسها، من أوائل الكتب التي كتب في صدورها كلمة «بتحقيق»، كما أن تلك الكتب قد حظيت بإخراجها على أحدث المناهج العلمية للتحقيق، مع استكمال المكملات الحديثة، من تقديم النص إلى القراء ومن إلحاق الفهارس التحليلية.
ويضاف إلى ذلك أنه أول من أشاع إدخال علامات الترقيم الحديثة في المطبوعات العربية، وألف في ذلك كتاباً، سمَّاه:«الترقيم في اللغة العربية» طبع في مطبعة بولاق، سنة ١٩٠٣ م. ومما حققه شيخ العروبة أيضاً كتاب:«نَكْت الهِمْيان في نُكَت العميان» لصلاح الدين الصفدي. ونشره بمطبعة الجمالية سنة ١٩١١ م، ثم قدمه إلى أعضاء المؤتمر الدولي الرابع لتحسين حالة العميان.
وعلى وقع خطوات أحمد زكي باشا، وبهدي من توجيهه وإرشاده، تكوَّن القسم الأدبي بدار الكتب المصرية، امتداداً للجنة إحياء الآداب العربية التي أسسها شيخ العروبة، وطبع تحت شعارها «أنساب الخيل» و «الأصنام». وقد قام هذا القسم الأدبي بعبء ضخم حين نشر عيوناً مما تركه أهل العلم من آبائنا الأولين.
ولقد كان هذا القسم مدرسة كبرى في القدوة المثالية للمحققين المعاصرين، وكان يضم مشيخة جليلة من العلماء الكرام البررة، الذين أخلصوا لله فيما أسند إليهم، أذكر منهم: أحمد زكي العدوي، والشاعرين أحمد الزين وأحمد نسيم، وعبد الرحيم محمود، ومحمد عبد الجواد الأصمعي، ومحمد عبد رب الرسول، والعالم الجزائري الشيخ إبراهيم أطفيش. ومما يُستطرف ذكره هنا أن الشيخ محمد الخضر حسين، العالم التونسي الجليل قد عمل زماناً مصححاً بدار الكتب المصرية.
وهذا الشيخ الخضر حسين التونسي المولد والنشأة قد تولى مشيخة الأزهر، أول قيام الثورة المصرية. وهذا من أكبر الدلائل على أن مصر لا تعرف التعصب.