الشيخ أمثلة كثيرة جداً، أذكر منها قوله تعالى:{فسقى لهما ثم تولى إلى الظل}[القصص: ٢٤]، وقوله تعالى:{فقست قلوبهم}[الحديد: ١٦]، وقوله عزَّ وجلّ: {وساء لهم يوم القيامة حملًا (١٠١)} [طه: ١٠١]، فأنت لو ضغطت على الفاء في الآية الأولى صارت من الفسق لا من السقي، وإن لم تضغط على الفاء في الآية الثانية صارت من الفقس لا من القسوة. أما في الآية الثالثة فلا بد أن تخلص (ساء) من (لهم) حتى يكون من السوء لا من المساءلة، لو خطفتها خطفة واحدة. هكذا كان يعلمنا الشيخ، إلى أمثلة كثيرة لا أحصيها عدداً. لكني أذكر أن أحدهم قرأ مرة أمام الشيخ: {فلهم أجر غير ممنون (٦)} [التين: ٦]، وخطف (فلهم) خطفة واحدة ضاغطاً على الفاء، بحيث صارت الكلمة كأنها فعل ماض مسند إلى ضمير الجماعة، مثل: ضربهم، فقال له الشيخ:(مفلهمش) يريد رحمه الله أن يقول إنه ليس فعلًا واقعاً عليهم، وأن هذه البنية من مقطعين (ف)(لهم).
وكان الشيخ صاحب دعابة، فكان إذا قرأ أحدهم على غير الجادة يقول له مستفهماً مستنكراً: إنت جوّدت القرآن في ألمانيا؟ وقرأ بعضهم أمامه برواية خلف عن حمزة، ولم يكن متقناً للرواية، فقال له:«قُوم يا شيخ، دانا كنت باحْسِبَك خَلَف الحبايب»، وقرأ آخر أمامه وتحنن في صوته تحنناً ظاهراً في تكسر، فقال له الشيخ:«مافيش فايدة» يريد أنه يقلد صت «فايدة كامل»، فقد كان في صوته تلك السمات التي عرفت بها هذه المغنية قبل أن تشتغل بالسياسة.
وكان للشيخ حسن دقيق جداً في تقييم الأصوات والحكم عليها، وقد لا يعرف كثير من الناس أن الشيخ رحمه الله، درس علم الموسيقى بمعهد فؤاد الأول للموسيقى العربية أل إنشائه.
وكما كانت معرفة الشيخ بمخارج الحروف وصفاتها عظيمة، كانت عنايته بالوقوف: تامها وحسنها وكافيها، عالية جداً، وكان يأخذ على بعض كبار القراء تهاونهم في تعهد الوقوف ومراعاتها، وكان يصارحهم بذلك فيغضبون.
وكان شيخنا رحمه الله يتشدد في الوقوف على رؤوس الآي: لأنها سنة، ولو