للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأربع وتسعون قافية. وكان الفراغ من هذا التفسير والشرح اليوم السادس عشر من شهر ربيع الآخر، سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وإنما دعاني إلى تصنيف هذا الكتاب مع خمول الأدب وانقراض زمانه، اجتماع أهل العصر قاطبة على هذا الديوان، وشغفهم بحفظه وروايته، والوقوف على معانيه، وانقطاعهم عن جميع أشعار العرب، جاهليها وإسلاميها، إلى هذا الشعر، واقتصارهم عليه في تمثلهم ومحاضراتهم وخطبهم ومقاماتهم، وحتى كأن الأشعار كلها فقدت، وليس ذلك إلا لتراجع الهمم وخلو الزمان عن الأدب، وتقاصر الرغبات، وقلة العلم بجوهر الكلام ومعرفة جيدة من رديئه، ومطبوعه من متكلفه.

ومع ولوع الناس بهذا الديوان لا ترى أحداً يرجع في معرفته إلى محصول، أو يفي ببيان عن مودعاته وغوامض معانيه ومشكلاته، وإنما المفزع فيه إلى فسر [أي تفسير] أبي الفتح ابن جني، وهو في ذلك كقول من قال:

أصبحت ترجو الغوث من قلبي ... والمستغاث إليه في شغل

وأنه اقتصر في كتبه على تفسير الألفاظ، واشتغل بإيراد الشواهد الكثيرة والنحو والغريب، حتى اشتمل كتابه على عظم نوادر أبي زيد، وجميع أبيات سيبويه وأكثر مسائله، وزهاء عشرين ألفاً من الأبيات العريبة، وحشاه بحكايات باردة، وأخبار من العرب غريبة نادرة، لا يحتاج في فسر هذا الديوان إلى شيء منها. والله تعالى ذكره يتغمدنا وإياه بسعة رحمته، وجميل عفوه، إنه الغفور».

فهذه الخاتمة التي انفردت بها تلك المخطوطة أفادتنا عدة فوائد:

(أ) تاريخ فراغ الواحدي من شرحه، وأن ذلك كان قبل وفاته بست سنوات، فيكون قد ألفه وهو في تمام نضجه العلمي.

(ب) ذكره لدواعي تأليفه.

(ج) ... ما يفهمه الناقد البصير من خبئ هذا الكلام، وكشفه عن رأي الواحدي

<<  <  ج: ص:  >  >>