ص ٢٣٢: ذكر المؤلف الفاضل من شروح الأندلسيين على الكامل للمبرد: شرح أبي الوليد الوقشي المتوفى (٤٨٩ هـ)، ويسمَّى "نكت الكامل" وشرح ابن السيد البطليوسي المتوفى ٥٢١ هـ، وذكر أن هذين الشرحين مفقودان إلى الآن، وإن كان السيوطي ٩١١ هـ والبغدادي ١٠٩٣ هـ قد أشارا إليهما ونقلا عنهما.
قلت: وهذان الكتابان وإن كانا قد فقدا إلى الآن، فقد حفظهما عالم أندلسي قريب من عصرهما هو: أبو الحسن علي بن إبراهيم المعروف بابن سعد الخير الأنصاري البلنسي المتوفى (٥٧١ هـ) فقد جمع بين شرحي الوقشي والبطليوسي، وسمَّى ذلك كتاب "القرط على كامل المبرد" وقد سَلِمَ من هذا "القرط" نسختان مخطوطتان، إحداهما بمكتبة إسماعيل صائب أفندي بأنقرة بتركيا، وتاريخ نسخها (٦٥٨ هـ) والنسخة الثانية وجدت في الزاوية الحمزاوية بصحراء تمجروت من المغرب الأقصى - حفظه الله - ثم نفلت إلى الخزانة العامة بمدينة الرباط، وتاريخ نسخها مجهول لوجود بتر في آخرها، لكنها جيدة الخط.
وعن نسخة تركيا فقط قام باحث باكستاني، هو "ظهور أحمد أظهر" بتحقيق الكتاب، وحصل به على درجة الدكتوراه من كلية اللغة العربية بجامعة "البنجاب" ثم نشره بالمطبعة العربية بلاهور سنة ١٤٠١ هـ- ١٩٨٠ م.
وجاء بعده باحث من أهل الطائف بالمملكة العربية السعودية هو "حمد عبد الله أحمد الزائدي" وقدم دراسة الكتاب وتحقيقه إلى كلية اللغة بجامعة أم القرى وحصل بذلك على درجة الدكتوراه سنة ١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧ م. وقد استفاد هذا الباحث من مخطوطة المغرب التي لم يرها الباحث الباكستاني.
ويلاحظ أن البلنسي يسمِّي شرحي الوقشي والبطليوسي: الطرر والحواشي على كتاب الكامل.
وتأمل أيها القارئ العزيز: كيف ضاعت كتب وحفظتها كتب: فهذا عمل الوقشي والبطليوسي يضيع، لكن البلنسي يحفظه في عمل يجمعهما، وقد عرفت هذه الظاهرة في غير كتاب من تراثنا، وهذا من حفظ الله وكلاءته لعلوم الأمة ومعارفها.