"لقد صحبت محمود شاكر ثلاثين عاماً، وما زلت أذكر أول يوم زرته فيه، وكنت في صحبة الأخ العلامة الكبير أحمد المانع احتمي به من مشاعر الهيبة والخشية والحذر، من تلك الحدة المزعومة في شخصية محمود شاكر، وهو شعور عرفناه جميعاً قبل أن ندخل البيت، وحين توثقت صلتنا بالشيخ اكتشفنا زيف هذا الشعور، وكذب تلك المزاعم التي أشاعها بعض الناس ليصدوا أهل العلم عنه، وإذا نحن أمام قلب طاهر نقي، يغضب ويثور حين يرى حداً من حدود العلم قد انتهك، أو حين يسمع تطاولاً على تاريخ الأمة العربية وعلومها.
وبعد: فالكلام عن محمود شاكر لن ينتهي بنهاية هذه الكلمة، وسيظل هذا الرجل أثراً ضخماً في ضمير هذه الأمة: حراسة للعربية وذوداً عنها، وبصراً بها، وإضاءة لها. وإن أحق ما يقال عن محمود شاكر هنا وفي كل وقت وحين ما قاله هو عن أستاذه مصطفى صادق الرافعي: "بأن الرافعي قد صار ميراثاً نتوارثه، وأدباً نتدارسه، وحناناً نأوي إليه"، وكذلك يكون محمود شاكر "ميراثاً نتوارثه"، إلى آخر ما قال في حق شيخه الرافعي.