(١١٩٧٨) جذراً، ومن وراء ذلك فإن لتاج العروس أهمية أخرى، وهو أنه عني إلى جانب اللغة بضبط المشتبه من الأعلام والأنساب والألقاب، كما عني بكتب الطب والنبات وسائر المعارف العامة. ثم كانت له عناية فائقة بالبلدانيات والجغرافية العربية، وبخاصة جغرافية اليمن ومصر، وما أكثر المواضع في هذين البلدين التي يقول فيها: رأيتها أو شاهدتها - انظر على سبيل المثال مادتي: شبر - حلل، وتأمل أسماء البلاد " شبرا - والمحلة "، فقد أحصاها عدداً، وذكر أنه رأى بعضها ودخلها.
لكل هذه الأسباب اتجهت أنظار الناشرين مبكراً إلى طبع هذا الكتاب الجليل، فكانت أول طبعة له طبعة جمعية المعارف بمصر من سنة ١٨٦٨ م - ١٨٧٠ م. لكنها طبعت خمسة أجزاء فقط. ثم توقفت. وبعد ذلك خرجت منه طبعة كاملة في عشرة مجلدات كبار سنة ١٨٨٨ م بالمطبعة الخيرية لصاحبها عمر حسين الخشاب [وهو جد الدكتور يحيى الخشاب رحمه الله].
ويذهب زمان ويجيء زمان، وفي أوائل الستينات الميلادية تقوم وزارة الإِرشاد والأنباء بدولة الكويت بمشروع عظيم لنشر كتب التراث، وقد أعدت لهذا المشروع عدته، فاختارت نصوصاً عالية، ومحققين كباراً.
ثم كانت الوثبة الكبرى في نشر تاج العروس للزَّبيدي، فوزعت أجزاؤه على طائفة من المحققين الأثبات، وصدر الجزء الأول منه سنة ١٣٨٥ هـ = ١٩٦٥ م.
وهذا هو موضع الأشجان من كلمة الأستاذ سامح كريم، لقد قدر لهذا الكتاب أن يكون في أربعين مجلداً، وقد تم تحقيق هذه المجلدات كلها، لكن الذي تم طبعه منها إلى الآن تسعة وعشرون جزءاً فقط، وبقي أحد عشر جزءاً.
ولمَّا كنا الآن في سنة ١٩٩٨ م، فيكون قد مضى على صدور الجزء الأول ثلاثة وثلاثون عاماً، وهو زمن بعيد جدّا، فقد صار "العروس" شيخاً، وأوشك "التاج" أن يسقط من فوق رأسه، وهذا التراخي في إخراج كتاب هو من عمد تراثنا اللغوي لا يقبل من دولة تملك المال، وتعرف للثقافة حقها وتقدر العلم قدره، ولها في نشر العلم والتنمية الثقافية مكان ومكانة.