للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون} [البقرة: ١٥٦]، وقوله تعالى: {إن أنتم ضربتم فى الأرض فأصابتكم مصيبة الموت} [المائدة: ١٠٦]- وإن كانت المصيبة في اللغة كل ما أصاب الإِنسان - وتعظم هذه المصيبة إذا كان الراحل يقف على ثغر من ثغور العلم ولا يقوم أحد مقامه، وما أكثر الثغور التي تسقط برحيل حراسها، ولقد عاش كمال النجمي حياته كلها حارساً أميناً من حراس الفن الراقي -كلمة مقروءة ونغمة مسموعة - يجلوه ويذود عنه.

إننا إذا رحل عنا عزيز نقول كما قال التابعي الجليل يوسف بن أسباط: "ذهب من يؤنس به ويستراح إليه" (صفة الصفوة لابن الجوزي ٤/ ٢٦٣). وما أحرانا إذا رحل عنا عالم أن نقول: اللَّهُمَّ عوضنا به خيراً، وهيئ لهذه الأمة رشدها، ثم نأمل الخير في الاستخلاف، ونتشبث بمثل قول العز بن عبد السلام: "ولن تخلو الأرض من قائم لله بحجة" (البرهان في علوم القرآن للزركشي ١/ ٣٧٩)، وبمثل قول الحافظ الذهبي: "ففي الناس بقايا خير"، (سير أعلام النبلاء ٧/ ٢٥٠).

ولا يبقى إلا رجاء: إلى دار الهلال، ثم إلى أولاد الراحل الكريم:

فأما الذي إلى دار الهلال: فهو أن تصدر الأعمال الكاملة لكمال النجمي، على أن يشمل ذلك كتبه المطبوعة بين دفتين، ثم مقالاته المتناثرة في الهلال والمصور والكواكب وغيرها.

وأما الذي إلى أولاده: فألا يفرطوا في أي قصاصة ورق تكون في مسودة من مسودات والدهم ويدفعوها إلى دار الهلال لنشرها، ثم رجاء آخر إلى هؤلاء الأولاد البررة، أن يحافظوا على مكتبة والدهم، وليعلموا أن أباهم كان يحب كتبه كما يحب أولاده، ولعله قد أخذ عليهم موثقاً في ذلك، وليس لي أن أقترح وجهاً من وجوه المحافظة على مكتبة الراحل العزيز، لكني أخشى أن تدفع إلى من لا يعرف قيمتها، أو أن تبقى حبيسة الأرفف والجدران تغتالها الأيام اغتيالاً.

وأنتم أيها الكتاب والمفكرون - أطال الله في النعمة بقاءكم - لا تغفلوا عن

<<  <  ج: ص:  >  >>