للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضوية هيئة علمية جديراً بأن يكون من الأعلام الذين تسجل أسماؤهم في دوائر المعارف أو ما هو شبيه بها، وأضرب لك مثالاً واحداً:

لقد حصل العقاد وطه حسين ومحمود شاكر على جائزة الدولة التقديرية، ولكن هل تظن أن كل من حصل على هذه الجائزة يكون في قامة واحد من هؤلاء؟

إنَّ الناس تتقلََّب في حياتها في مجال الشهرة والأضواء وكثير منهم ليس له من أسباب هذه الشهرة وتلك الأضواء إلا ما تتيحه له قدرته على الحركة واستثمار الفرص المتاحة، وفتح أبواب المصانعة وتبادل المنافع، ثم هذا الذكاء الاجتماعي الذي يمكن لصاحبه في الأرض، بالإِلحاح على عين القارئ وأذن المستمع، باسمه الذي يتردد وصورته التي تتلألأ في وسائل الإِعلام صباح مساء، وذلك كله رزق الله المقسَّم على خلقه، وهي حظوظ الناس تصيب بعضاً وتخطئ بعضاً.

يشقى أناس ويشقى آخرون بهم ... ويُسعد الله أقواماً بأقوام

وليس رزق الفتى من فضل حيلته ... لكن جدود وأرزاق وأقسام

كالصيد يُحْرَمُه الرامي المجيد وقد ... يرمي فيحرزه من ليس بالرامي

لكن الناس إذا ماتوا انقطعت أسباب شهرتهم، ولم يبق إلا هذه الأعمال الجليلة التي يطيب بها ذكرهم وتخلد بها أسماؤهم، فالموت هو قاطع العلائق، ومنصف الموتى من الأحياء.

روى أبو عبد الرحمن السلمي قال: "حضرت جنازة أبي الفتح القواس الزاهد مع أبي الحسن الدارقطني، فلما نظر إلى الجمع (أي كثرة الناس وازدحامهم) قال: سمعت أبا سهل ابن زياد القطان يقول: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبي يقول: قولوا لأهل البدع: بيننا وبينكم يوم الجنائز"، انظر: مناقب الإِمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي ص ٥٦٠.

ولن أستطيع أن أذكر أسماء هؤلاء الأعلام الذين ترجم لهم الباحث، وهم غير أهل للترجمة، حتى لا أغضب ذويهم، وأقاربهم، وحتى لا أنبش القبور. ويبدو أن

<<  <  ج: ص:  >  >>